الخسائر بملايين الليرات.. أسعار غير مشجعة للمنتجات الزراعية في إدلب


مع أن الناتج الزراعي كان جيداً هذا العام، في محافظة إدلب، ذات المساحات الزراعية الشاسعة؛ إلا أن العديد من المزارعين يشتكون من خسائر فادحة جراء الهبوط الكبير الذي طال أسعار منتجاتهم الزراعية. وفيما كانت خسائر البعض لا تتعدى بضعة مئات من الدولارات؛ خسر أصحاب المشاريع الزراعية الكبيرة ملايين الليرات، إذ يعتبر العمل الزراعي في هذه الأوقات غير مجد من الناحية المادية، نتيجة لظروف عديدة تعيشها المنطقة.

أسعار مادة البطاطا التي يزرعها الفلاحون بكثرة هبطت إلى نحو النصف، مقارنة بالعام المنصرم، كما انخفضت أسعار باقي المنتجات المحلية مثل الملفوف واللفت والقرنبيط والبصل الأخضر والبقوليات بنسبة تتراوح بين 20 و 45 بالمائة. وقال أحد الفلاحين لـ "اقتصاد" إن جميع المزارعين من جيرانه ومعارفه تعرضوا للخسارة بسبب انخفاض سعر السوق المحلي، حيث يبيع المزارع محصوله بثمن أقل من التكلفة أو بنفس القيمة دون حساب المجهود العضلي للمزارع.

عقب نجاحه الباهر في زراعة البطاطا العام الفائت، وسّع "أبو محمود" من مساحة مشروعه الزراعي لهذه المادة بغية جني أرباح أكثر. ومع بدء قلع نبتة البطاطا، واجه أبو محمود مفاجأة من العيار الثقيل. يقول لـ "اقتصاد": "الأسعار لم تتجاوز 90 ليرة للكيلو الذي يضم حبات كبيرة، أما الحبات الصغيرة بين 40 و 50 ليرة للكيلو الواحد".

قلع أبو محمود هكتارين من أصل ثمانية. "خسرت حتى اللحظة 6 آلاف دولار، أنتظر بضعة أيام عسى يتحسن السوق وإلا فخسارتي لا تحتمل".

ليس بعيداً عن مشروع أبو محمود في إحدى بلدات ريف إدلب؛ تعرض السيد "حسان" لخسارة مماثلة بعد جني محصوله الضخم من البصل الأخضر والبقوليات. حسان تجاوزت خسارته 4 مليون ليرة، كما يؤكد لـ "اقتصاد"، ويتابع: "جرزة البقدونس بالكاد تباع بـ 8 ليرات ومثلها الجرجير. الخس والكبوس والبصل الأخضر جميعها هوت أسعارها أكثر من 40 بالمائة".

هبوط أسعار المنتجات الزراعية في إدلب لم يأت بالمصادفة، بل يعتبر كنتيجة حتمية لانقطاع التصدير نحو المنطقة الشرقية (الرقة - دير الزور ) والعراق عبر نفس المنطقة، عقب سيطرة قوات النظام و"قسد" على هذه المحافظات التي كانت في قبضة تنظيم الدولة.

قطع الطريق جعل من مناطق النظام السوق الرئيسي لأغلب المنتجات الزراعية في إدلب وريف حلب، حيث تصدر البضائع عبر معبر مورك الذي افتتحته حكومة الإنقاذ المشكلة مؤخراً من قبل "هيئة تحرير الشام" في الشمال السوري.

حصر السوق الخارجي بمناطق النظام يعتبر أحد أسباب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفلاحون. مصدر مطلع شرح لـ "اقتصاد" سبباً آخر لهذه الأزمة وهو فرض رسوم باهظة من قبل حكومة الهيئة على التجار الذين تمر شاحناتهم بمعبر مورك.

وقال المصدر إن المعبر يتقاضى دولارين عن كل تنكة زيت زيتون تعبر نحو دمشق وهي نسبة كبيرة جعلت تجار الزيت يحتجون لترد الهيئة بحظر تصدير هذه المادة ثم السماح بالتصدير، بعد عدة أيام.

الرسوم طالت البضائع الأخرى لكن لم يتسن لـ "اقتصاد" الحصول على أرقام دقيقة حولها، في حين أكد مصدرنا أنها كبيرة أيضاً، وهذا ما يجعل العديد من التجار والفلاحين يمتنعون عن توريد بضائعهم، مكتفين بعرضها في السوق المحلي، أو تكديسها في البرادات والمستودعات.


ترك تعليق

التعليق