حماة تُحكم قبضتها على سوق العملة بريف حمص


شهد سعر صرف الليرة مقابل الدولار تذبذباً كبيراً خلال الشهر الفائت في عموم الأسواق السورية، مما انعكس على الأسواق في ريف حمص الشمالي. فعلى الصعيد السلعي، نشأت سوق منفصلة كلياً عن سوق النظام في ريف حمص الشمالي، تحكمها قوانينها الخاصة، التي يشرعنها "هوامير الريف"، وهو مصطلح يطلق محلياً على التجار المسيطرين على المعابر مع مناطق النظام.

 أما بالنسبة لسوق العملة في الريف الحمصي، فهي ما تزال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسوق العملة في محافظة حماة، وخاضعةً لقوانينه بفارق متفاوت يتراوح بين 5 ليرات كحد أعلى، و2 ليرة كحد أدنى، بحسب قوة الصراف، وقيمة المبالغ التي يعمل بها.

الحركة النقدية

تُختصر الحركة النقدية في ريف حمص الشمالي بوصول الحوالات الخارجية الى محافظة حماة بالقطع الأجنبي، ليتم تصريفها بالليرة السورية أو إبقائها بالقطع الأجنبي، ثم إدخالها إلى الريف الحمصي، ومن ثم تعود الى أسواق حماة، لتحول إلى الليرة.

 ولعل عدم قدرة المناطق المحررة على الاستغناء عن التعامل بالليرة السورية السبب الرئيسي وراء هذه الإجراءات مما جعل سوق العملة في مناطق المعارضة تابعة بشكل مباشر لأسواق العملات في مناطق النظام لأن أسواق النظام هي المصدر الرئيسي لليرة.

نور الدين الحمصي، من صرافي ريف حمص الأكثر شهرة، تحدث لـ "اقتصاد": "يعتمد تحويل الأموال على وجود شريكين أحدهما في الخارج في تركيا غالباً، والآخر في الداخل. وبمجرد وصول المبلغ للشريك في تركيا يرسل إشعار التحويل إلى الشريك في الداخل، ويتم تسليم المبلغ خلال ساعات، هذا بالنسبة للمبالغ البسيطة. أما بالنسبة للحوالات الخاصة بالمنظمات الإغاثية والفصائل العسكرية ذات المبالغ الكبيرة، لا يستطيع الصرافون التعامل بنفس الطريقة، ولعدم وجود طريق برية تربط الريف بالحدود التركية ولعدم امتلاكهم هذه الأرقام الضخمة، فيتم إرسال الأموال إلى مدينة حماة عبر شركات التحويل، مثل "ويسترن يونيون"، لوسطاء يعملون لصالح الشريكين، ومن ثم يتم إدخال الأموال عن طريق الحواجز مقابل إتاوة كبيرة، بحسب حجم المبلغ المحول".

ونوه الحمصي: "كصرافين في ريف حمص لا نرغب كثيراً بالحوالات الكبيرة الخاصة بالعسكر والإغاثة بسبب مردودها القليل مقارنة بالحوالات الصغيرة، ناهيك عن خطورة إدخال الحوالات الكبيرة بسبب الخوف من مصادرتها على حواجز النظام أو تعرض الوسيط في أسواق النظام للملاحقة الأمنية في حال كُشف أن المبلغ لصالح مناطق المعارضة".
 
صرافو الريف خارج اللعبة

اعتاد المواطن السوري على موجات المضاربة التي يقوم بها الصرافون للتلاعب بسعر الصرف، لتحقيق أرباح خيالية على حسابهم. لكن بالنسبة لصرافي ريف حمص الشمالي، فالأمر مختلف تماماً، وبمجرد ظهور أعراض موجة المضاربة يخرج معظم الصرافين في ريف حمص الشمالي خارج اللعبة، لعدم تواجد السيولة الكافية في أسواق الريف لتجربة قدراتهم ومحاولة تحقيق أرباح.

محمد أبو غانم، من الصرافين في سوق مدينة الرستن، تحدث لـ"اقتصاد": "بمجرد الإحساس بموجة مضاربة أقوم بتثبيت رأس المال الموجود لدي بأسرع وقت ممكن، فأقوم بتحويل نصف المبلغ الذي أعمل به إلى دولار والنصف الآخر إلى الليرة، لتجنب أي خسائر، وأقوم بمراقبة السوق بشكل دقيق، فلا مجال للمضاربة، فسوق ريف حمص لا يتحمل هكذا أعمال، بسبب وقوف الصرافين عن العمل وعدم إقدامهم على دخول اللعبة".

وأضاف أيضاً: "تتبع سوق العملة بشكل مباشر لسوق حماة بسبب عدم دخول الليرة إلى أسواق الريف إلا عن طريق رواتب الموظفين التي لا تتجاوز الـ 10 ملايين ليرة، مما يجبرنا إلى جلب الليرة من أسواق النظام لطرحها في تعاملات الريف".

مناخ مناسب للعملة المزورة

لم يغب شبح تزوير العملة عن أسواق ريف حمص الشمالي منذ خروجه عن سيطرة النظام، وينشط بشكل كبير خلال موجات المضاربة والتقلب بسعر الصرف. فصرافو الريف خارج السوق من اللحظة الأولى لموجة المضاربة، مما يضطر المواطن العادي للجوء إلى أي شخص يريد بيع الدولار للمحافظة على مدخراته.

يعرب أبو العز، ناشط إعلامي تحدث لـ "اقتصاد": "خلال فترة تذبذب سعر الصرف يغلق الصرافون محلاتهم مما يضطر السكان للجوء إلى أشخاص عاديين يريدون بيع الدولار في الشوارع لشراء الدولار وتخزينه. فإن رغبة الضحية بتخزين الدولار تجعله يفقد حقه بالإدعاء على الشخص الذي اشترى منه الدولار المزور بسبب مرور الزمن".

وقال أبو العز: "قبضت المحكمة الشرعية على (ع.ك) بتهمة بيع الدولار المزور لأحد المواطنين، لكن عند إقدام الضحية على تصريف المبلغ باليوم التالي، اكتُشف أن الدولارات مزورة فقدم شكوى إلى المحكمة وتم توقيف المدعى عليه ويتم التحقيق معه لكشف الشبكة التي يعمل معها".

وهكذا، تبقى سوق العملة في ريف حمص الشمالي ضحية تقلبات سوق العملة في مناطق سيطرة النظام، وخاضعة لمغامرات التجار الكبار خارجها.

 

ترك تعليق

التعليق