اقتصاديات.. بشار ومسلسل عيادة الجرحى


من أوحى لبشار الأسد بفكرة أنه يجب أن يزور وزوجته وأولاده، جرحى الجيش في بيوتهم، ربما لم يخبره بأن تكرار هذا الفعل في كل مناسبة وأكثر من مرة، يسمونه في علم الدعاية والإعلام بـ "قلة الطعمة".. وهو مصطلح حوراني يشير إلى حالة الرجل الذي لا يحس بضجر الآخرين وقرفهم منه، بل ويعتقد أن الناس تحبه وتعشق طلته وحديثه.

أو هو بصورة ثانية يشبه مسلسل "باب الحارة"، الذي نجح جزأه الأول، فقرر القائمون عليه تكراره في كل سنة، بسبب أنه ليس لديهم أفكار جديدة للنجاح.. وهكذا بشار، ما إن نجحت زيارته الأولى للجرحى في بيوتهم في عيد رمضان الماضي، حتى أخذ يكررها في كل المناسبات الدينية والسياسية التالية، وبنفس الصورة تقريباً ودون تعديل: يقف أمام أحد المنازل بسيارته، ثم ينزل منها وتتبعه زوجته وابنه الكبير الأهبل، وبعدها يدخلون المنزل الذي يقصدون زيارته، ويتبادلون معهم أطراف الحديث والمزاح والضحك، مع التركيز على إظهار بساطة السيد الرئيس وتواضعه هو وزوجه.. أما ابنه، فكل الصور التي يظهر فيها تشير إلى أن الولد يعاني من البلاهة، وزجه في هكذا مواقف، ليس في صالحه ولا في صالح مستقبله السياسي، إذا كانوا يخططون لأمر ما في هذا الشأن. وفي العموم، الصورة في مجملها لا تخلو من التصنع وكأنه جرى جرهم عنوة لتمثيل هذا المشهد.

وتقول الدراسات بأن الديكتاتور كلما أمعن في القتل والإجرام، يصبح بحاجة لمشاهد إنسانية كثيرة من أجل أن يتقبله الناس ولا ينظرون إليه كحيوان ووحش.. ربما هذا ما قاله المستشارون لبشار، وهو من جهته من تولى تأليف باقي القصة وتمثيلها وإخراجها، فظهرت على هذا النحو الرديء والساذج والمكرور.

وهناك من يرى بأن بشار، أخذ يشعر في الفترات الأخيرة بأنه لا يحكم فعلياً سوريا، إذ أن جميع الصور السياسية والبيانات والمراسيم والأخبار، تفشل في إظهاره على أنه الرئيس الذي يقود البلد، لهذا لجأ إلى هذا النوع من الصور، بحثاً عن شرعية شعبية جديدة له، وهي فكرة لم تعد موجودة سوى بين ذوي الاحتياجات الخاصة من جرحى الجيش والمخابرات وذويهم، فهم الفئة الضعيفة والمستضعفة التي لازال قادراً على ممارسة سيادته عليها، بينما من جهة ثانية لا يجرؤ على الظهور بين مؤيديه من الأصحاء..

 فهو منذ ست سنوات وحتى اليوم لم يزر حاضنته الشعبية في اللاذقية وطرطوس، والتي قدمت العدد الأكبر من القتلى دفاعاً عنه، فيما تشير التقارير الإعلامية إلى أن أغلب من يزورهم هم من الطائفة المسيحية، مستغلاً تسامحها وعدم نزوعها إلى العنف، والتي لاتزال تدير خدها الأيسر لمن يصفعها على خدها الأيمن..


ترك تعليق

التعليق