قصة "الكعكة السورية" التي أصبحت "كعكة كل لبناني"


أعادت الكعكة العصرونية "كعكة أبو عرب " إلى أذهان أهالي بيروت ذكريات (كعكة الخندق الغميق)، وهي كعكة أبو علي حطيط الذي كان أشهر صانعي الكعكة البيروتية، والذي غاب نجمه بعد صعود كعكة "أبو عرب" إلى الصدارة، والتي تعود لصاحبها السوري "زهير حمود ناصيف".

إذ نالت محلات "كعكة أبو عرب" شهرة كبيرة، كما لاقت إقبالاً هائلاً، وأصبحت مقصداً للبناني قبل السوري، وخلال شهور قليلة صارت "كعكة أبو عرب" كعكة كل لبناني.
 
فقد فاقت شهرة محلات كعكة أبو عرب شهرة الكثير من المحلات اللبنانية، واتخذ الكثير من أصحاب المحلات اللبنانية المجاورة من محلات كعكة أبو عرب عنواناً لمحلاتهم، حيث يعنون العديد منهم محلاتهم (بجوار أو مقابل أو في شارع محل كعكة أبو عرب).


إدارة محلات كعكة أبو عرب حققت الشهرة لمحلاتها، واعتمدت نشر الإعلانات، والتفنن في ديكورات المحلات، وافتتاح فروع عدة في غالبية مناطق لبنان وفي مواقع ومناطق عدة في العاصمة بيروت، واتخذت من الأحياء الأكثر حيوية مواقعاً لمحلاتها، وافتتحت محلات بأجرة مرتفعة، وهي خطوة لا يقدم عليها أغلب اللبنانيين، إذ يتجنب المستثمرون اللبنانيون عادةً، الإيجارات المرتفعة. كما أن اللبنانيين من أصحاب المحلات لا يحظون عادةً بهذه الإيجارات المرتفعة لمحلاتهم ولا يدفعها لهم غير السوري.

من العلامات الفارقة لبيروت

أصبح من اللافت عند الدخول إلى العاصمة بيروت وعلى امتداد طريقها، انتشار لوحات إعلانات كبيرة وملفتة كتب على بعضها بالخط العريض "الكعكة العصرونية.. كعكة أبو عرب"، وعلى لوحات أخرى كتب "كعكة أبو عرب.. كعكة كل لبناني".

فاشتهرت كعكة أبو عرب بلذة وحلاوة طعمها، والتفنن في حشوتها ولاسيما بجبنة البيكون والقشقوان وغيرها، إلى جانب التفنن في زينتها. ومما زاد لذة مذاقها حبات السمسم التي تغطي وجهها.


الانتشار خارج لبنان

وصلت شهرة لذة مذاق كعكة أبو عرب إلى الكويت، وأصبحت عدد من المحلات تستورد كعكة أبو عرب، واشتهرت في الكويت بـ "الكعكة الطرابلسية.. كعكة أبو عرب".

عمالة سورية بامتياز واتهامات بالعنصرية من اللبنانيين

اعتمدت محلات كعكة أبو عرب في لبنان على تشغيل العمال والموظفين السوريين في كافة  فروعها، على الرغم من أنها أصدرت عدة إعلانات لتوظيف عدد من الشابات والشباب اللبنانيين، ولكنه لم يتم الاتفاق على الراتب وعدد ساعات الدوام، فاللبناني كعادته لا يقبل براتب ولا بعدد ساعات الدوام التي يقبل بها العامل السوري، ولهذا السبب حافظت محلات كعكة أبو عرب على الهوية السورية لكافة موظفيها وليس الأمر "عنصرياً" كما يدعي لبنانيون، فبقيت محلات كعكة أبو عرب سورية بامتياز.


اعتداءات وعمليات سطو على بعض الفروع والعاملين

تعرضت محلات كعكة أبو عرب لعدة انتهاكات، مثل فرعه في منطقة المنية الذي تعرض لعملية سلب من قبل مسلحين وفروا بسيارة وسجلت العملية ضد مجهولين.

وبتاريخ 27/12/2017 أفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن شخصاً ملثماً يقود دراجة نارية أطلق النار على أحد عمال محل كعكة أبو عرب في مجمع هوز التجاري -راسمسقا- الكورة، وفر الجاني ونقل المصاب إلى مستشفى هيكل للمعالجة.


افتتاح فرع طرابلس شمال لبنان وإغلاقه من المحافظ

افتتح "أبو عرب" فرعاً لمحلاته في طرابلس في نقطة مركزية اتخذها على مستديرة ساحة النور بإيجار شهري (1000) دولار، وبيدٍ عاملة سورية، حيث شهد المحل منذ افتتاحه إقبالاً واسعاً وشهرة كبيرة، ولكن لم يمضِ شهر على افتتاح المحل حتى نفذ المحافظ القاضي "رمزي نهرا" بمؤازرة قوى الأمن الداخلي، قرار وزير العمل "محمد كبارة"، بإغلاق المحال والمؤسسات غير الشرعية وغير القانونية التي يملكها أجانب، وأولها محل كعكة أبو عرب.


وبناء على هذا القرار المفاجئ أوضح "جميل حجي" من إدارة المحل أنهم لم يتوقعوا صدور هذا القرار عند افتتاح محلهم، وأكد حجي أنه رغم ذلك سيكونون تحت سقف القانون اللبناني، وأنهم سيعملون على تحسين أوضاعهم القانونية التي يواجهون فيها مشاكل عدة.

وتابع "حجي" قائلاً: "نأمل من الوزير أن يمنحنا طلب استرحام إلى حين تسوية الشروط اللازمة".

كما تم مؤخراً وبناءً على قرار محافظ الشمال إغلاق محلات كعكة أبو عرب في منطقة المنية بالشمع الأحمر لعدم تواجد تصاريح للعمال السوريين العاملين في فرع المنية.


مطالبات كيدية وعنصرية بإغلاق المحلات السورية

واليوم ازدادت مطالبات شرائح كثيرة من اللبنانيين لحكومتهم بإغلاق محلات السوريين في كافة مناطق لبنان وفي مقدمتهم محلات كعكة أبو عرب الذي بنظرهم يجني أرباحه ويكبر ثرواته على حسابهم.

ويبدو أن -الحكومة اللبنانية- سائرة باتجاه إغلاق كافة محلات كعكة أبو عرب بكافة فروعه.

وهنا يتساءل سوريون مقيمون في لبنان.. هل من العدل هذه الخسارة الباهظة التي تكبدتها سلسلة محلات كعكة أبو عرب مقابل تصفية حسابات كيدية من الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني تجاه محلات السوريين لمجرد "الحسد وضيق العين".

ويعجز السوريون اليوم عن تسوية أوضاعهم في ظل التضييق الذي يمارسه أغلب اللبنانيين شعباً وحكومة، وبقرارات كيدية تحت مسميات القانون ضد السوريين.

واللافت أن حملة إغلاق محلات السوريين، امتدت لتشمل معها محلات اللبنانيين المعتمدة على اليد العاملة السورية.

وتنطلق أصوات السوريين مطالبة الوزير "محمد كبارة" بالنظر إلى أوضاعهم من منطلق إنساني، فأغلب السوريين دخلوا لبنان خلسة بسبب الحرب، ولم يستطيعوا الحصول على إقامة أو إجازة عمل وفق شروط دخول واقامة تعجيزية للسوريين في لبنان، فكيف لهم  تسوية أوضاعهم القانونية كما يتطلب قانون العمل اللبناني الذي يستخدمونه سيفاً لقطع لقمة عيش السوريين!


السوري محرك للنشاط الاقتصادي والمعماري في لبنان

المتتبع والعارف بأوضاع لبنان يؤكد ولا يخفى على أحد، أنه قبل الثورة والنزوح السوري إلى لبنان كانت نصف محلات طرابلس، ومحلات أغلب المناطق  في لبنان، مغلقة، وليس هناك من يفتحها أو يشغلها.

وهنا تشيع تساؤلات في أوساط السوريين بلبنان:
 
لماذا اللبناني لا يأتيه النشاط إلا عندما يقوم السوري بفتح المحل وينشط عمل المحل ويشتهر؟

ولمَ اللبنانيون يؤيدون قرار "كبارة" ويشدون على يده في خطوته هذه ويطالبونه بمزيد من الخطوات وبسرعة في التنفيذ؟

وما سبب أن اللبنانيين اليوم يروجون لشعار "بتحب لبنان شغل لبناني"؟

ورغم الفرق الكبير في أجور العمل بين السوري واللبناني وتأمين وغيرها، بالإضافة لما يدفعه السوري من أجور بيوت ونقل وغيرها، وبحسبة بسيطة وموضوعية تكون العملية لصالح اللبناني. فالسوري يشقى كل الشهر بعدد ساعات دوام طويلة ومرهقة وثلاثة أرباع عمله يذهب لجيب اللبناني "أجار بيت وأجار محل".

 وأخيراً.. صحيح أن محلات كعكة أبو عرب تغلق بالشمع الأحمر أمام أعين اللبنانيين، ومازال اللبنانيون يشكون بهذه الخطوة ويراهنون حكومتهم بعدم ثباتها على خطوتها هذه، وبأن أبو عرب سيعاود افتتاح محلاته وأن الحكومة نفسها ستجد حجة لحل مشكلة أبو عرب.

كعكة أبو عرب حتى وإن شمعت بالشمع الأحمر لن يستطيع  اللبناني أن يغير أو يغلق ذكرها، بأنها أصبحت يوماً "الكعكة السورية" التي أصبحت "كعكة كل لبناني".

ترك تعليق

التعليق