أزمة المحروقات في إدلب تتفاقم مع استمرار "غصن الزيتون"


"لم أكن أتوقع أن أشتري المازوت النظامي ذات يوم"، يتحدث السيد "محمد" بشيء من السخرية أمام متجر للمحروقات في ريف إدلب حيث يباع أقل سعر للمازوت بأكثر من 400 ليرة لليتر الواحد.

يحاسب محمد بائع المحروقات عن 10 ليترات اشتراها من المازوت. شكّل اللون الغامق لمادة المازوت أسفل البيدون الذي يحمله محمد ثروة لا تقدر بثمن، فـ "مع اشتداد البرد هنا في إدلب لا مجال إلا لإبقاء المدفأة مشتعلة حتى لو كان ما يدفعه المرء لقاء ساعتين أو ثلاث من الدفء لا يقل عن دولار أمريكي".

لا يتوقف الأمر عند المازوت الذي سجلت أسعاره صعوداً جهنمياً فقط؛ بل طال ارتفاع الأسعار، المحروقات بأنواعها في كافة مناطق الشمال السوري المحرر بدءاً من الكاز النظامي والمكرر، مروراً بالبنزين بجميع أصنافه، وانتهاء بمادة الغاز، ما يشكل أزمة كبيرة لا يظهر أنها قابلة للحل في الوقت الراهن.

صعود الأسعار رافقه قلة في عرض المحروقات، كما يؤكد تجار من المنطقة لـ "اقتصاد". كما تزامنت هذه الحالة مع شح كبير يشهده سوق المازوت المكرر والكاز ومادة الغاز.

إلى ذلك؛ شهد النفط الخام أو ما يعرف بالفيول نقصاً حاداً في أسواق المحافظة، وسط الحديث عن ارتفاع هائل في سعر هذه المادة تعدى 68 ألف ليرة للبرميل الواحد.

أسعار المحروقات وفقاً لسوق معارة (جملة)، سجلت ارتفاعاً حاداً؛ حيث يباع مازوت رميلان أصفر زهرة بـ 94000 للبرميل الواحد. بينما سجل برميل مازوت رميلان أصفر حراق 90000 ليرة.

أما مازوت رويس زهرة أصفر فسجل 92000 ليرة. ومازوت رميلان مخزن شفة 88000 ليرة. مازوت رميلان عسلي غامق 86000 ليرة.

في حين سجل المازوت النظامي 95000 ليرة. والكاز الأبيض رميلان 96000 ليرة. والبنزين المكرر أبيض رميلان 80000 ليرة. بنزين نظامي سوري 88000 ليرة. بنزين نظامي أوربي 86000 ليرة.

ومع دخول مادة المازوت من تركيا عبر معبر باب الهوى، إلا أن الأزمة لم تحل ولو جزئياً، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في سعر هذه المادة من المصدر حيث لا يقل سعر الليتر الواحد عن 390 ليرة.

وشكلت معركة (غصن الزيتون) التي أطلقتها تركيا للسيطرة على عفرين شمالي البلاد، ضربة قاصمة لسوق المحروقات في محافظة إدلب، بسبب توقف استيرادها من مناطق سيطرة الأكراد عبر عفرين التي تفصل بين منطقتين تسيطر عليهما المعارضة في ريف حلب الشمالي وإدلب.

وفور اندلاع المعارك في عفرين أُغلق كل من معبري اعزاز - عفرين، وعفرين - دارة عزة، ما أدى لتوقف مرور المحروقات إلى محافظة إدلب.

وتحكم "قوات سورية الديمقراطية" قبضتها على معظم حقول النفط السورية عقب سيطرتها على الرقة ودير الزور.

وعاش قرابة 3 مليون نسمة في إدلب وريف حلب وما تبقى من ريف اللاذقية بيد المعارضة، أسابيع على مخزون مستودعات التجار. بينما لم يتبق لهذه المنطقة سوى مصدر واحد للحصول على المحروقات وهو مناطق النظام عبر معبر مورك بريف حماة حيث يدخل البنزين النظامي والغاز لكن بشكل متقطع ما أدى إلى ارتفاع أسعارهما.

ارتفاع أسعار المحروقات أدى بالبعض إلى استبدال مدافئ المازوت والكاز بأخرى تعمل على الحطب كونه أقل ثمناً. كما لجأ العديد من الأهالي إلى اعتماد الدراجات النارية بديلاً عن السيارات في مركوبهم كونها تستهلك نسبة أقل من البنزين. بينما يلجأ كثيرون للاعتماد على البوابير التي كانت تستخدمها الجدات في الأزمنة السحيقة كونها تعمل على مادة الكاز التي تعتبر أقل كلفة من جرة الغاز النظامية ذات الـ 11 ألف ليرة.

في المقابل ارتفعت أسعار مياه الاستعمال بسب ارتفاع المازوت حيث لا يقل سعر 5 براميل من ماء الآبار التي تضخ عبر صهاريج كبيرة عن ألف ليرة في الريف بينما تتجاوز ألفي ليرة في المدن الكبرى.

ويقول أهالي من محافظة إدلب لـ "اقتصاد"، إن المشكلة باتت عامة. وبينما ينتظر الآلاف انفراج هذه الأزمة يبقى الأمل معقوداً على انتهاء معركة (غصن الزيتون) وفتح معبر دارة عزة – عفرين، وإلا فالمنطقة مقبلة على شلل عام كون المحروقات هي عصب الحياة في المنطقة التي تغيب عنها الكهرباء وأغلب الخدمات بشكل تام.

ترك تعليق

التعليق