اقتصاديات.. حكومة الفقراء تغازل رجال الأعمال


عندما أطلق عماد خميس على حكومته اسم حكومة الفقراء، كان يقصد إحداث قطيعة مع حكومة وائل الحلقي السابقة، صاحبة شعار: "رفع الدعم وتوزيعه على مستحقيه"، والتي رفعت الدعم عن الفقراء، وبدل أن تعيد توزيعه عليهم، قامت بصرفه على العمليات الحربية ضد الشعب السوري، وعلى أجهزة المخابرات والجيش.

الجديد في الموضوع، أن عماد خميس، وبعد مرور أكثر من عام ونصف على تشكيله الحكومة، تبين أنه لم يكن انقلاباً على وائل الحلقي، كما حاول أن يوحي، بل هو استمرار للسوء بكل روائحه الكريهة والعفنة التي أنتجها النظام.. فهو اليوم يقدم كل الامتيازات لرجال الأعمال، ويعيد إليهم الدعم الذي كان وائل الحلقي، قد ادعى زوراً وبهتاناً أنه رفعه عنهم.. وكل ذلك بحجة زيادة الإنتاج من أجل تحسين الوضع المعيشي للرعايا السوريين الذين يعيشون في دولة الأسد.

والمزعج في الموضوع أكثر، أن وزير المالية، مأمون حمدان، الذي لم يكف عن التصريح بأنه لا مجال لزيادة الرواتب على الإطلاق، والذي يهدد كذلك بفرض ضرائب جديدة على الفقراء، أعلن بالأمس، وفي مؤتمر رجال الأعمال المنعقد في حلب، بأن أبواب المصارف الحكومية مفتوحة أمامهم لكي يأخذوا منها ما يشاؤون من القروض، وأكثر من ذلك قام بإعفائهم من ضرائب كثيرة، وغرامات لمخالفات كبيرة، ولنفس الحجة، تشجيعهم على العمل من أجل زيادة الإنتاج، وبأنهم "يا حرام" تعرضوا لأضرار كثيرة خلال السنوات السبع الماضية.

وبكل تأكيد لا نحمل حكومة عماد خميس أكثر مما تحتمل، فكلنا يعرف "البير وغطاه".. فهؤلاء ليسوا أكثر من منفذين لتعليمات أجهزة المخابرات وبشار الأسد، لكنهم يحملون صفة وزراء ورئيس وزراء.. وأكبر واحد فيهم لا يمون على تغيير رئيس قسم في المؤسسة العامة للأعلاف، بدون توجيه من المخابرات.. لكننا نورد هنا مثالاً فاضحاً عن توجه نظام لا يراعي توازن رجالاته، فهو يطلب من الحكومة رفع شعار بأنها حكومة الفقراء، بينما حتى الآن لم تصدر أي قرار أو تقوم بأي عمل يدعم هؤلاء الفقراء، وإنما جميع قراراتها تصب في خدمة أصحاب المال والأعمال..

على الأقل في عهد حكومة الحلقي تم رفع الرواتب مرتين.. فكيف تفتح خزائن المصارف الحكومية لرجال الأعمال في الوقت الذي كنت تدعي فيه أنه لا يوجد سيولة لرفع الرواتب..؟، أليست أموال القروض التي سيتم منحها لهؤلاء، هي في شبه المستغنى عنها..؟

نعتقد أن المفاجأة الأكبر والسر يكمن، بأسماء أولئك الذين سيحصلون على هذه القروض..!

ترك تعليق

التعليق