"رجلٌ" بعمر السبع سنوات، يروي لـ "اقتصاد" موجز حياته في الغوطة


"آخر كيلو طحين، خبزتو أمي اليوم"، بهذه الكلمات ابتدأ الطفل "أمجد" ذو السبع سنوات، حديثه، عندما بدأتُ بالتحدث مع والده، تجرأ "أمجد" وبدأ الحديث دون أن يعرف ما هي مسببات النقاش، وما هي دواعي الحديث الذي دار بيني وبين والده، كان يتحدث بعفوية قلّ نظيرها حين قال : "في ناس مبارح وأول مبارح ماحسنت تاكل شي، ماحدا حاسن يطلع من مطرحو ليجيب أكل لأنو كل دقيقة عم ينزل صواريخ و راجمات وطيارات".

اضطررتُ حينها لأترك الحديث مع "أبو محمود والد أمجد" وأتابع مع طفله الذي أضاف قائلاً: "أنا من شوي أكلت خبز و مي (بدل الزيت) وزعتر، بعد هلأ كل ما بحس حالي جوعان رح أشرب مي ونام، مابحس بالجوع ولا القصف، هيك أحسن لحتى الله يفرجها علينا".

طلبتُ من "أبو محمود" أن يستفيض بدوره في شرح المعاناة التي حلّت بأهالي الغوطة، فقال لي : "لن أزيد على ماقاله هذا الرجل"، في إشارة لطفله الذي أعتبره ويعتبره الكثير غيري رجلاً حقيقياً استطاع أن يتأقلم مع الواقع المرير الذي حل بأهالي الغوطة.

فمع بدء اليوم السادس على التوالي للحملة التي يشنها نظام الأسد على مدن وبلدات الغوطة، بدأت الموارد والمدخرات لدى الأهالي بالنفاذ، وسط إغلاق تام لجميع المحال التجارية والأسواق.

يقول السيد "خالد أبو ياسين" أحد سكان مدينة دوما، إنه ما إن تهدأ وتيرة القصف قليلاً حتى يهرع الناس إلى منازل البائعين بغية شراء بعض ما يجدونه لدى البائع في منزله، بعد أن استطاعوا إفراغ محلاتهم ووضع البضائع في مكان أكثر أماناً، كي تكون سبيلاً لصمود الأهالي خلال أيام التصعيد.

وكشف "خالد" في حديثه الخاص لـ "اقتصاد" أن المعاناة داخل الغوطة ستظهر بشكل أشد في الأيام القادمة بسبب قرب نفاذ البضائع لدى التجار الصغار وعدم قدرتهم على التجول والذهاب لمحلات الجملة من أجل جلب الغذائيات من طحين وبرغل ورز وسكر وغيرها. فالتجوال خلال ساعات النهار والليل يكاد يكون مخاطرة وتضحية كبيرة، كما وصفها، بسبب شدة القصف وكثافته على الأحياء السكنية.

وقد رصد "اقتصاد" أسعار المواد الغذائية داخل الغوطة ولا سيما الموجود منها بتاريخ 24 شباط/فبراير، حيث سجل كيلو طحين الشعير 1800 ليرة سورية، وكيلو الرز 4200 ليرة سورية، وكيلو السمنة 4500 ليرة سورية، وكيلو البرغل 3200 ليرة سورية، فيما ارتفع السكر ليصل إلى 4800 ليرة سورية.

وفيما يتعلق بالواقع الطبي داخل الغوطة، فقد أفاد مصدر طبي لـ "اقتصاد" أن هناك ما يزيد عن 14 مشفى ونقطة طبية خرجت عن الخدمة بسبب استهدافها بالقصف بشكل مباشر، فضلاً عن استهداف النظام لسيارات الإسعاف التي تُقِل الجرحى والمصابين وخروج بعضها عن الخدمة أيضاً.

وكشف المصدر عن استخدام الأطباء داخل النقاط الطبية في الغوطة لأدوية منتهية الصلاحية كمواد التخدير وبعض المعقمات، بسبب كثرة الإصابات ونفاذ معظم المخزونات المدّخرة.

فيما أعلن الدفاع المدني السوري في ريف دمشق عن ارتفاع أعداد الشهداء خلال الأيام الستة الماضية ليتخطى حاجز 500 شهيد في عموم مدن الغوطة وأكثر من 3000 جريح.

وعن الوضع العسكري على جبهات الغوطة أكد الرائد علي عبد الباقي، رئيس هيئة الأركان في جيش الإسلام، من خلال تسجيل صوتي، أن الثوار مستمرون في إيقاع الخسائر ضمن صفوف قوات النظام على جبهات الغوطة، مشيراً إلى أن نظام الأسد وميليشياته يقوم بطريقة خبيثة بالإنتقام بقصف المدنيين بعد فشله بالتقدم شبراً واحداً على أراضي الغوطة.

وكشف "عبد الباقي" أن الفصائل العسكرية في عموم سوريا أطلقت حملات قصف للمواقع العسكرية لمليشيات الأسد نصرةً للغوطة، وذلك بعد توحيد الجهود والتواصل والتنسيق فيما بينهم. مؤكداً أن الساعات والأيام القادمة لن تكون سهلة على النظام وحلفائه وميليشياته، وأضاف : "التصعيد سيتلوه التصعيد، فذوقوا حصاد تماديكم".

ترك تعليق

التعليق