اقتصاديات.. من أعاد الحضور إلى وزير مالية النظام؟


لأول مرة، لا يكون وزير المالية هو الشغل الشاغل لوسائل إعلام النظام، خلافاً لما جرت عليه العادة في السنوات السابقة على الثورة السورية، عندما كان شاغل هذا المنصب يتبوأ قائمة الأخبار الاقتصادية على الدوام، والجميع يلاحق تصريحاته، بحثاً عن الحد الأدنى الذي يشير إلى أن هناك تحسناً قادماً في الوضع المعاشي للناس.

ففي السنوات التي تلت انطلاق الثورة السورية، أصبح صاحب هذا المنصب مجهولاً ومتجاهلاً من قبل وسائل الإعلام، ولصالح مسؤولي تصريحات "الوجبات السريعة" و"الأكشن" و "البلاي ستيشن"، الذين يقدمون الروايات والقصص الشيقة للناس، عن محاربتهم للفساد ومقارعتهم للمستغلين، ومن ثم جهودهم في نصرة الفقراء والمظلومين وإرجاع الحقوق لأصحابها..

مؤخراً، ربما أدرك وزير مالية النظام والذي يدعى مأمون حمدان، أنه متأخر عن أقرانه في طريقة تسويق نفسه وتصريحاته، حيث أصبح ظهوره مثل "غراب البين"، لا يتحدث إلا بأخبار الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة، ومنع السفر وزيادة الضرائب والرسوم، وإفلاس الخزينة العامة للدولة من الأموال، والعجز عن تسديد الالتزامات الحكومية، ومعارضته لرفع الرواتب وإعادة تشغيل القروض.. لهذا أصبحنا نلاحظ مؤخراً نقلة نوعية في حضور وزير المالية وتصريحاته، انتقل بها من التشاؤم إلى التفاؤل، وأصبح يتحدث عن استرداد ديون وتحصيلات ضريبية غريبة عجيبة، وصلت في دمشق وريفها على سبيل المثال إلى أكثر من 80 بالمئة، وبمبالغ تفوق ميزانية النفط قبل العام 2011..

ولعل النقلة النوعية الأهم في حضور وزير المالية، هي حديثه عن منع سفر عضو مجلس شعب، بسبب وجود حجز احتياطي عليه ضماناً لسداد مبلغ 3 ملايين ليرة سورية فقط، خاتماً تصريحه بأن لا أحداً فوق القانون..

وعلى الأغلب أن الوزير ذاته، تفاجأ بمردود هذا التصريح على وسائل الإعلام، التي أخذته ونسجت منه عناوين و"مانشيتات" عريضة، واستثمرته للقول، بأن سوريا، وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي تمر بها، لا أحد يجرؤ فيها أن يكون فوق القانون..!

هذا اللعب الرخيص على العقول، تجهد وسائل إعلام النظام، ومنذ سبع سنوات، في تسويقه، مستغلة النزعة الاستعراضية لدى بعض المسؤولين، من أجل تقديم صورة مغايرة عن الواقع البائس للبلد.. وكأن أبناء البلد لا يعرفون بلدهم على حقيقتها، وكيف تدار بها الأمور، وما هو موقع عضو مجلس الشعب فيها، والذي لا يتعدى أن يكون أكثر من ممسحة لهذا القانون.. وليس فوقه..؟!

ترك تعليق

التعليق