اقتصاديات.. الضربة، والرقص من الألم


مشاهد الفرح الجماهيري التي نقلها تلفزيون النظام السوري، في أعقاب الضربة الأمريكية البريطانية والفرنسية التي استهدفته، تعيدنا إلى ما بعد منتصف الثمانينات من القرن الماضي، عندما كان حافظ الأسد يخرج الشعب السوري إلى الشوارع، لكي يرقصوا ويدبكوا ويحملوا صوره بوجوه بائسة تتصنع الفرح، بينما في ذلك الوقت، كان الناس يتضورون فقراً، وبالكاد يستطيعون الحصول على حاجتهم من الخبز وبعض المواد الأساسية.

على شاشة التلفاز لا تستطيع أن ترى سوى ما يريد النظام أن يريك إياه، وفي العموم، جميع المحتفلين الذين صورهم لا يتجاوز عددهم الـ 500 شخص، وفي جميع مناطق سوريا، وهم عبارة عن عناصر مخابراته المنتشرين في الشوارع، والذي يشعرون بالفرح كونهم لازالوا على قيد الحياة.

وأذكر في بداية الثورة السورية، أنني كنت مرة بالقرب من مصور تلفزيون النظام، وكان مطلوباً منه أن يخرج بعد قليل على الهواء لكي يصور الحشود الكبيرة التي اندفعت من تلقاء نفسها، لكي تؤيد بشار الأسد وترفض المؤامرة..
 
أخبرهم المصور أنه لا يستطيع أن يقدم لهم الصورة التي يريدون، لأنه حاول من عدة زوايا، ولم يفلح بإظهار سوى العشرات، الذين كانوا عبارة عن قادة المنظمات الشعبية وبعض الموظفين المغلوبين على أمرهم..
 
فطلبوا منه التريث، وما هي إلا عشر دقائق حتى جاءت باصات محملة بعناصر الأمن، الذين كانوا يرتدون الملابس المدنية، وجلبوا له رافعة لكي يأخذ المنظر من الأعلى، فيبدون في الصورة وكأنهم آلاف..

هذا هو النظام الذي يحكم سيطرته على الشعب السوري، فهو لا يتعامل معه سوى بوصفه ديكوراً لدولته القمعية، تارة يستخدمه في القتل وتارة أخرى في الفرح..
 
أما الصور الحقيقية للشعب السوري، فهي كانت تلك التي صورتها كاميرات الناشطين البسيطة، في بداية الثورة السورية، والتي لم يكن بالإمكان التلاعب بها، أو تقريبها وتبعيدها وفقاً للموقف السياسي، وكما تفعل كاميرات النظام التلفزيونية.

ترك تعليق

التعليق