شوارع دمشق العامّة.. حقول مجانيّة لتعليم قيادة السيارات


بقيت مدارس تعليم قيادة السيارات، الخاصّة، منذ انتشارها الكثيف في العقد الماضي في كافة الجغرافية السورية، لا سيما العاصمة دمشق منها، مثاراً للجدل بين كافة الأوساط، نظراً لما تحصده من أرباح سنوية مُقارنةً بالخدمة التي تُقدّمها.

وفي الوقت الذي يجب أن تكون فيه تلك المدارس مُتقيدةً بالخطّة الموضوعة من قبل "الأجهزة الحكومية" لدى "النظام" الرّامية لتخفيف الحوادث المرورية تُغرّد وحدها هادفةً جمع المال على حساب السلامة العامّة للفرد كجزء والمجتمع ككل.

وانخفض الإقبال على مدارس قيادة السيارات بنسبة لا تقل عن 75% مُقارنةً بالعام 2010 لعدّة عوامل أهمّها فقدان الثقة بجدواها وتحوّل الشوارع العامّة لحقول تدريب مجانيّة نتيجةً للفوضى الإدارية والأمنية التي تسود العاصمة.

لا جدوى من المدارس الخاصّة لتعليم قيادة السيارات طالما يستطيع أي شخص التدرّب في الشوارع العامّة متى شاء وكيفما أراد دون إزعاج من أي شرطي أو دورية مُكلّفة بضبط المُخالفات المرورية، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد"، السيد (س ، ش)، أحد قاطني حي التضامن في العاصمة دمشق.

ويُضيف (س ، ش) أنّ ما يتلقاه الطالب من تدريب وتعليم لا يُخوّله إتقان قيادة سيارة، حيث يتقاسم 15 دقيقة تدريب عملي ونظري مع أكثر من شخص بالتناوب خلف المُقود في مساحةٍ صغيرةٍ قريبة من الواقع الافتراضي وبعيدةً عن الازدحام، ودراسة المبادئ العامّة والإقلاع والوقوف والغيارات وآداب القيادة واستخدام الأضواء الأمامية والخلفية واستعمال المرايا والميكانيك والتعامل مع الأزمات.

ويُشير (س ، ش) أنّ هذا الأمر تسبب في تحويل المدارس الخاصة لقيادة السيارات، إلى شبكة غير شرعية مُهمّتها تأمين إجازة السوق بطرقٍ مُلتوية مُتجاوزةً للقوانين والإجراءات الإدارية ومُستخدمةً لنفوذها في الدوائر الرسمية مقابل مبالغ من المال غير آبهةً للآثار التي ستنعكس نتيجةً لإجرائهم غير المسؤول. وما يدعم هذا الكلام العشرات من الحوادث المُرورية التي تحصل بشكل يومي في مُختلف شوارع العاصمة، وكُل ما عدا ذلك لا يندرج سوى في بيع الأوهام للطامحين في التدريب الحقيقي لقيادة السيارة بشكل أكاديمي.

وأمام الواقع السلبي لمدارس تعليم قيادة السيارات يجد المواطن استخدام سيارات أقاربه أو رؤسائه في "الجيش واللجان الشعبية" في الشوارع العامّة، فرصة مجانية للتعلّم لا تُفوّت.

إيداع كفالة مصرفية قيمتها مليون ليرة سورية سارية لمدّة عام، لصالح "وزارة النقل"، إحدى شروط ترخيص مدرسة تعليم قيادة السيارات بكافة فئاتها بموجب المرسوم رقم 117 لعام 1961 والمُعدّل بالمرسوم رقم 66 لعام 2013، بالإضافة لأن يكون صاحب الترخيص مالكاً أو مُستأجراً لأرض يتوفر فيها حقل تدريب مساحته الصّافية 5 آلاف متر مربع مُستوياً ومُعبّداً بالإسفلت ومُعدّاً للتدريب العملي، ومالكاً لـ 10 سيارات سياحية للتدريب وسيارتي ركوب مُتوسطة إلى جانب توفر كادر تدريبي وإداري يُراعي تخصيص مُدرس لكُلّ قاعة ومُدّرب لكُلّ مركبة وسجل دراسي للمدرسة وعقد شراكة في حال وجود شركاء.
 
كما يُشترط حصول مُدربي القيادة على إجازة مُدرّب صادرة من وزارة النقل وحاملاً للشهادة الثانوية العامّة كحد أدنى، بينما يُشترط في مُدرسي المواد النظرية "إشارات، قانون السير، عقوبات، السلامة المرورية، ميكانيك"، أن يكونوا حاصلين على الشهادة الثانوية العامّة كحد أدنى وإجازة مُدرّس صادرة عن ذات الوزارة، على أن تكون آليات التدريب جديدة لم يمضِ على صنعها 3 أعوام ومُسجّلة في الفئة العامّة ومُؤمّناً عليها تأميناً شاملاً إضافةً لتمييزها باللون الأخضر "الفوسفوري" وتزويد كُل مركبة بفرامل ومرآة أمامية إضافية.

وبموجب المرسوم وتعديلاته تتوزع ساعات التدريب النظري داخل المدرسة لـ 12 ساعة خلال 6 أيام، و6 ساعات تدريب عملي داخل المدرسة، و12 ساعة للتدريب خارجها خلال 12 يوماً.

وبالرغم من انخفاض عدد المدارس إلى 65 مدرسة من أصل 165 كانت تعمل قبل العام 2011، لم يتجاوز ارتفاع رسومها أكثر من 4 أضعاف خلال سنوات الحرب، بعكس الكثير من الرسوم والإجراءات المادّية التي ارتفعت 10 أضعاف نتيجةً لانخفاض سعر صرف الليرة السورية وانعدام المادّة في الأسواق، حيث يبلغ حالياً التسجيل في المدرسة بين 12 ألف ليرة سورية و13500 يتم اقتطاع 1500 منها لخزينة "النظام".

وبحسب مواقع رسمية لدى "نظام الأسد" فإن متوسط عدد الحوادث المرورية السنوية تجاوز 16 ألف حادث أدّت لوفاة 4000 شخص بينهم 500 طفل ووقوع 15 ألف جريح وخسائر مادّية بقيمة 10 مليار ليرة سورية، وبلغ عدد الدعاوى المُتعلقة بحوادث السير في "الدوائر القضائية" أكثر من 7 آلاف قضية.

ترك تعليق

التعليق