"أبو زياد" وطقوس من سحره "التحتاني".. في دمشق


تحولت العاصمة السورية دمشق إلى ساحة تطبق فيها المسلسلات السورية التي عرضت خلال السنوات العشر الأخيرة.

الحلقة العشرون من مسلسل وجه العدالة الذي عرض عام 2008 والتي كان عنوانها "أبو طبلة"، والتي تحدثت عن ساحر يقوم بخداع النساء وتعريتهن بحجة فك السحر أو القيام بسحر معين ومن ثم يقوم بتصويرهن لابتزازهن، انتهت بتمكن الأمن الجنائي من إلقاء القبض عليه بعد ارتكابه جريمة قتل.

المشهد نفسه يتكرر اليوم وبكثرة في شوارع وأزقة العاصمة.

إلا أن المنقذ في المسلسل (الحكومة)، هي اليوم شريك في الجريمة.

أبو زياد.. أبو طبلة 2

بالقرب من حاجز الأمن السياسي في ساحة شمدين بمنطقة ركن الدين وسط العاصمة دمشق، افتتح الستيني "أبو زياد" محله على أنه محل لصناعة الكريمات والمستحضرات الطبيعية من الأعشاب.

لم يضع لافتة على المحل للتعريف. واجهة زجاجية مغطاة بستائر لونها خمري داكن. وضع داخل المحل بعض الكراسي للزبائن ومكتباً يجلس هو ورائه وطاولة عليها بضعة مرطبانات فيها مواد عشبية وبراد صغير في زاوية المحل.

كلها كانت واجهة للعمل الأساسي. "السحر".

"أبو زياد" يمارس عمله بشكل طبيعي جداً داخل محله دون أي خوف أو تستر على العمل.

يبدأ عمله في التاسعة صباحاً، وينتهي في السادسة، ويذهب للعطلة يوم الجمعة كأي رجل عادي.

"أم محمد" روت لـ "اقتصاد" تفاصيل تعامل "أبو زياد" مع زبائنه قائلة: "أكثر زبائنه من الفتيات اللواتي يعانين أو يخفن من العنوسة في ظل الحرب التي تشهدها البلاد وتأتي في الدرجة الثانية النساء اللواتي يردن من رجالهن أن يطيعوهن".

لا يخفي ذلك على أحد حتى لو دخل زبون جديد، وهو ما يؤكد ضلوع النظام بإجراء تسهيلات لأمثاله.

"أم محمد" أكملت: "أعمال السحر بعضها يكون بسيط فيتم تحضير طلب الشخص بوجود أشخاص آخرين ضمن المحل في حين تؤجل أخرى إلى حين خلو المحل من بقية الزبائن ليقوم بإغلاقه وممارسة عمله".

(أبو زياد في المنتصف، برفقة عنصرين من النظام داخل محله بدمشق)

السحر نوعان

بالحديث عن أنواع السحر التي يقوم بها "أبو زياد"، فقد روت أم محمد أيضاً تفاصيلاً عن العمل قائلة: "ينقسم السحر إلى نوعان
وهما: فوقاني وتحتاني، كما يسميهم هو أو كما يسميهم زبائنه".

السحر الفوقاني وله عدة أشكال أحدها أنه يقوم بغسل القدم اليمنى للزبون الذي عادة ما يكون إمرأة ويقرأ كلاماً غير مفهوم في أذنها ويعطيها بعدها ماء لتسقيه لمن تريد سحره (الأمر هنا يذهب للزوجة التي تريد من زوجها اطاعتها)، في حين يأخذ الشكل الآخر منحى آخر تماماً، وهو إحضار أثر للشخص المراد القيام بالسحر له حيث يأخذ أبو زياد الأثر ويطلب من الزبون العودة في يوم آخر لأخذ السحر أو ما يسمى "العمل".

أما السحر التحتاني والذي تتجلى فيه صورة "أبو طبلة" الذي ظهر في المسلسل، حيث يقوم الأمر على تعرية المرأة واحضارها السائل الذي يخرج منها أثناء الجماع، حيث يقوم "أبو زياد" بالكتابة به على جسدها وهو يذهب أيضاً في نفس منحى الشكل الأول من السحر الفوقاني ولكن بشكل أقوى.

ما يؤكد سلوك "أبو زياد" طريق "أبو طبلة"، هو وجود صور لبعض النساء اللواتي قام بتعريتهن، لإجراء السحر، كما أكدت "أم محمد" خلال الحديث.

أما بالحديث عن التكاليف والأسعار التي يطلبها "أبو زياد" مقابل عمله، تصل تكاليف السحر الفوقاني إلى 5000 ليرة سورية في حين النوع الثاني "التحتاني" فتبدأ تكاليفه بـ 10 آلاف ليرة سورية فما فوق، حيث وصل أحدها إلى 50 ألف ليرة سورية مقابل "إحضار عريس".

"أم محمد" أشارت إلى أن أبو زياد يبدأ دائماً أعماله بالنوع الأول من السحر  ويبدأ بالتعمق شيئاً فشيئاً ليصل للثاني، بحجة أن مفعوله أقوى.

الإنتشار الأكبر لأمثال "أبو زياد" في العاصمة دمشق يأتي في المرتبة الأولى في منطقة شارع الأمين، وهو ذي أغلبية شيعية ومعروف بالتواجد الأمني الكبير فيه. في حين تكون الواجهة عادة لممارسي هذه الأعمال، هي بيع المستحضرات الطبية الطبيعية أو تجهيزها، كالعمل بالأعشاب وما إلى هنالك، في حين تكون الواجهة الثانية التي يتبعها البعض وهي تقمس دور رجل الدين المبارك، والذي يستطيع بدوره جلب أكبر عدد من الزبائن لانجرار الناس وراء هكذا أمور.

في المسلسل خرج "الرائد هشام" وأخذ بحق المرأة التي قتلها أبو طبلة بعد تهديدها له.

أما اليوم فهل سيخرج أحد في حال تكررت الجريمة أو بالأحرى هل سيستجيب الساحر للتهديد أصلاً.

ترك تعليق

التعليق