تربية النحل تعود للحياة في درعا


عادت تربية النحل إلى الظهور من جديد، في عدد من مناطق درعا المحررة، وذلك بعد غياب عن المشهد الاقتصادي، استمر عدة سنوات.

وأشار المهندس الزراعي عبد القادر المحمدي، إلى أن مربي النحل التقليديين، عادوا إلى ممارسة نشاطهم من جديد في هذا المجال، بعد توقف إجباري لسنوات طويلة، فرضته ظروف الحرب، وصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج لهذا النشاط، الذي كان يعتبر من أهم الأنشطة الاقتصادية في قرى درعا.

وعزا المحمدي، العودة إلى تربية النحل كنشاط اقتصادي مدر للدخل، إلى تحسن الظروف الأمنية في كثير من مناطق المحافظة، وتوفر مستلزمات الإنتاج على الرغم من أسعارها المرتفعة، إضافة إلى عودة الكثير من المربين إلى ديارهم، بعد رحلة نزوح ولجوء، قادت البعض منهم إلى دول الجوار.

وأضاف: "إن من أهم الأسباب التي أجبرت المربين على العودة إلى مهنتهم التقليدية، هي تضاؤل فرص العمل الأخرى، وتوفر بعض مستلزمات الإنتاج، كالخلايا الخشبية، التي ما زال بعض المربين يحتفظ بعدد كبير منها في حالة جيدة"، لافتاً إلى أن تربية النحل كانت تشكل للعديد من أبناء المحافظة، دخلاً رديفاً للعديد من ذوي الدخل البسيط، كالموظفين والمتقاعدين.

ويقول "أبو سالم"، 65 عاماً، وهو مدرس سابق، "عدت إلى تربية النحل من جديد، وذلك بعد أن هجرت هذه المهنة لعدة سنوات، بسبب الصعوبات الكبيرة التي اعترضت عملنا نتيجة الظروف التي تعيشها سوريا".

وأضاف أن من أبرز الصعوبات التي واجهت مربي النحل في السنوات القليلة الماضية، عدم توفر مراعي مناسبة، بسبب قيام الأهالي بقطع آلاف أشجار الكينا، بغرض التدفئة، وتوقف المزارعين عن زراعة بعض المحاصيل الزراعية، التي كانت تشكل غذاء مناسباً للنحل، مثل "حبة البركة" و"اليانسون"، إضافة إلى عدم الشعور بالأمان، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج ومواد مكافحة للحشرات الضارة من مواد بيطرية وأدوية.

وأشار إلى أن هذه الصعوبات، مازالت قائمة، ولكنها أقل حدة بالمقارنة مع السنوات الماضية، وهو ما شجع بعض المربين على العودة إلى هذه المهنة.

وأضاف أن تربية النحل تحتاج الآن إلى جهود مضاعفة، ونفقات عالية، لا سيما في مراحل إعادة التأسيس، وفي عمليات تأمين باقي مستلزمات الإنتاج.

وأوضح أن سعر خلية النحل الكاملة، ارتفع بشكل كبير هذا العام، حيث بلغ أكثر من 40 ألف ليرة سورية، فيما وصل سعر التقسيمة أو الطرد الحديث و"هي خلية غير مكتملة" إلى نحو 25 ألف ليرة سورية، أما سعر خلية الخشب الفارغة فوصل إلى 8 آلاف ليرة سورية، فيما يصل سعر الكغ من العسل الربيعي إلى 7 آلاف ليرة سورية.

وقال: "إن إنتاج الخلية السنوي من العسل، يتراوح ما بين 5 و10 كغ"، لافتاً إلى أن ذلك يعود إلى مدى العناية بالخلية والسهر على حمايتها من الأمراض، وتأمين ظروف الإنتاج المناسبة.

وتوقع أبو سالم أن تعود تربية النحل في مناطق درعا إلى سابق عهدها، إذا ما توفرت شروط الأمان، وتوقفت قوات النظام عن استهداف المناطق بالصواريخ والقذائف، مشيراً إلى أن خلايا النحل، بدأت تُشاهد من جديد في العديد من مناطق المحافظة، رغم ما يشاع عن سوء الوضع الأمني.

ويقول عزيز الصخر، 45 عاماً، وهو أحد العائدين مؤخراً من الأردن بعد رحلة لجوء استمرت ثلاثة أعوام، إنه عاد إلى مهنته القديمة في تربية النحل، لأنه لم يجد فرصة عمل أخرى، بعد أن فقد وظيفته كمدرس، مشيراً إلى أنه كان يعمل في هذه المهنة قبل بداية الثورة إلى جانب مهنته الأساسية، وتمكنه خبرته في هذا المجال من الانطلاق مجدداً.

وأضاف أنه فور وصوله إلى منزله، تفقد ماكان بحوزته من خلايا، وقام بإصلاح المعطوب منها، وملأها بعدة طرود كان اشتراها من أحد المربين في المنطقة، لافتاً إلى أنه يعمل الآن على تأسيس 20 خلية بصورة مبدئية، بمساعدة أحد أبنائه، وسيعمل على تطويرها وزيادة عددها مستقبلاً.

وتمنى الصخر، أن تنتهي هذه الحرب قريباً وأن تعود سوريا، كما كانت في السابق، ليستطيع التنقل بين المحافظات السورية، بنحله من جديد، حسب موسم الأزهار، في كل محافظة، مشيراً إلى أن تربية النحل عمل ممتع، فمن خلاله تتوثق العلاقات الاجتماعية، وتكتسب الخبرات وتتوطد المعارف.

ولفت إلى أنه كان قبل الثورة، يجوب عدة محافظات سورية، متنقلًا بنحله بحثاً عن النباتات المناسبة، حيث كان يزور الساحل السوري في موسم الحمضيات، والحسكة في موسم القطن، والقنيطرة في مواسم الربيع، مشيراً إلى أنه تمكن خلال هذه الزيارات، من تكوين شبكة علاقات اجتماعية واسعة، قامت على الاحترام والمحبة، وهو ما يفتقده هذه الأيام.

يشار إلى أن محافظة درعا تعتبر واحدة من البيئات الحاضنة والمشجعة لتربية النحل، نظراً لمناخها الجيد، وتوفر الظروف الموضوعية والزراعات والمراعي المناسبة لتغذية النحل، حيث كان يوجد فيها قبل الثورة أكثر من 49 ألف خلية يعمل على الاهتمام بها آلاف المربين، وكان يصل إنتاجها إلى أكثر من 160 طن من العسل ذي النوعيات الجيدة سنوياً. لكن ظروف الحرب وتداعياتها المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، تسببت بانتكاسات كبيرة لهذا النشاط، وقلصت من أعداد المربين ومن أعداد الخلايا إلى الحدود الدنيا.

ترك تعليق

التعليق