مهجرو ريف حمص.. بين المجازفة بالبقاء، والمجهول في الشمال


في الحين الذي غادرت فيه أولى الحافلات التي تقل الراغبين بالخروج من ريف حمص الشمالي إلى الشمال السوري، يدخل العشريني "محمد" في حيرة من أمره.

ومرّد حيرته يرجع إلى خوفه من الاعتقال على يد عناصر النظام السوري، في حال فضل البقاء، والمصير المجهول الذي ينتظره في حال قرر الخروج إلى الشمال.

يقول محمد لـ"اقتصاد" مكتفياً بذكر اسمه الأول، "الخروج يعني ترك منزلنا وذكرياتنا هنا واستبدال كل ذلك بخيمة هناك"، مضيفاً: "لكن البقاء أصعب لأنه ينطوي على نسب عالية من المجازفة".

ويوضح: "البعض ينصحني باستكمال دراستي، واستخراج وثيقة تأجيل عن الخدمة في جيش النظام، لكن من يضمن أن لا تقوم أجهزة النظام بسوقي إلى الخدمة العسكرية على الفور".

وحول حديث روسيا عن ضمانات بعدم سحب الشباب للخدمة العسكرية قبل انتهاء مهلة 6 أشهر، يرد محمد متسائلاً: "وبعد انتهاء المهلة إلى أين المفر؟".

ويستدرك بسؤالٍ آخر: "وهل روسيا قادرة على حماية الأهالي من الشبيحة والمليشيات الإيرانية التي ستدخل المنطقة عاجلاً أم آجلاً".

ويردف معبراً عن حالة الحيرة التي تعتريه، "نحن أمام خيارين، إما أن نبقى هنا مع المجازفة بحياتنا، أو الذهاب مع ترك كل شيء هنا، ومحاولة بداية حياة جديدة من الصفر".

حال محمد حال المئات من أبناء ريف حمص الشمالي، المنطقة التي تتواصل فيها التحضيرات لتهجير الرافضين من أبنائها للمصالحة مع النظام السوري، بعد أن أنهت الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة تسليم سلاحها الثقيل لقوات النظام بموجب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه قبل أيام.

ومن جملة ما نص عليه الاتفاق، السماح للرافضين للمصالحة مع النظام بالخروج نحو الشمال، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة، ومزاولة المؤسسات الخدمية والمدنية التابعة للنظام عملها، وتأجيل سحب المطلوبين للخدمة الإلزامية لمدة ستة أشهر.

وبعيداً عن حالة الحيرة التي لا زال محمد أسيراً لها، حذر المنسق العام للفصائل السورية، الدكتور عبد المنعم زين الدين، الشباب في المناطق التي يتم العمل على تهجيرها، من البقاء، معتبراً أن البقاء سينتهي بهم إلى "جنود قتلة في قوات النظام".

وأضاف في حسابه على "توتير"، أن "بقاء الشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية في مناطق النظام، يجعل منهم جنوداً قتلة في جيش النظام، يستخدمهم في قتل وتهجير المناطق الأخرى، ولا حجة لهؤلاء الشباب بالبقاء لحماية أهلهم، وهم الذين رفضوا القيام بهذه المهمة يوم كان معهم الثقيل، ولن يتركهم النظام أصلاً في مناطقهم".

يذكر أن النظام يمهل الشباب (18-42 عاماً) من أبناء المناطق التي تم تهجير المعارضة منها مدة ستة أشهر، قبل سوقهم إلى الخدمة الإلزامية.

جدير بالذكر أن أولى الحافلات غادرت ريف حمص الشمالي نحو الشمال اليوم الاثنين.

ترك تعليق

التعليق