لماذا تراجع كثير من أهالي جنوب دمشق عن الخروج إلى الشمال؟


تراجعت أعداد الراغبين بالخروج من جنوب دمشق، في الأيام والساعات القليلة الماضية، وذلك على خلفية انتشار مقاطع فيديو للأوضاع السيئة التي يعيشها المهجرون في مخيمات عفرين ومحيطها، ممن خرجوا في القوافل الأولى. كما أثّرت قضية الحافلات العشر العالقة في منطقة شبيران بالقرب من مدينة الباب، في قرار الكثيرين.

وفي تفصيل الحادثة التي رواها أحد الناشطين لـ "اقتصاد"، فإن القافلة المكونة من 60 حافلة تم تقسيمها في عدة اتجاهات حيث وصلت عشر حافلات تضم قرابة 500 شخص إلى مخيم شبيران في منطقة الباب وطلب من الأهالي النزول للإقامة في هذا المخيم، إلا أن الأهالي رفضوا الدخول إلى المخيم كونه غير مجهز ولا يستوعب العدد الكامل. وتفرقت العائلات، في عدة حافلات، كل منها توجه إلى منطقة، وكان من المفترض أن يتوجه الجميع إلى مخيم جنديرس. وأرجع مطلعون ما حصل إلى سوء التنسيق من قبل لجنة التفاوض وسوء الإدارة من قبل القادة والمسؤولين في جنوب العاصمة.

كانت قوافل مهجري جنوب العاصمة دمشق قد بدأت بالخروج من المنطقة يوم الخميس 3 أيار/ مايو، باتجاه الشمال السوري، في إدلب وريف حلب الشمالي.

 وبحسب تصريحات سابقة لقياديين في فصائل المعارضة المسلحة، فإن عدد الراغبين بالخروج والمسجلين ضمن القوائم بلغ 17000 شخصاً، وذكرت المصادر أن العدد قابل للزيادة والنقصان نتيجة عدم اتخاذ القرار النهائي من قبل الكثيرين.
 
خمسة قوافل انطلقت حتى صباح اليوم الثلاثاء من جنوب العاصمة، واحدة منها إلى إدلب تضم 1757 شخصاً، فيما توجهت أربعة قوافل إلى ريف حلب الشمالي، وضمت قرابة الـ 6000 شخص.

 ومن المفترض أن تنطلق اليوم الثلاثاء، القافلة الأخيرة، من جنوب العاصمة باتجاه ريف حلب. 

قضية مخيم شبيران وأوضاع المهجرين السيئة، تفاعلت بشكل كبير في جنوب العاصمة وأثرت في قرار الكثيرين ممن حسموا أمرهم سابقاً بالخروج. وبعد تداول مقاطع الفيديو إضافة لسعي شيوخ المصالحة لتشجيع الناس على البقاء ومصالحة النظام، غيّر الكثيرون مواقفهم، وقرروا البقاء.

كان رجال دين موالين للنظام، شجعوا على المصالحة معه، من أمثال الشيخ صالح الخطيب في بلدة يلدا، والشيخ محمد عليان وهو فلسطيني دخل إلى جنوب العاصمة وجمع أهالي مخيم اليرموك لإقناعهم بالبقاء والتصالح مع النظام الذي لم يقصر بحقهم كلاجئين، حسب وصفه.
 
"أبو إبراهيم" من سكان بلدة يلدا، وهو من القاطنين النازحين إليها، يقول لـ "اقتصاد"، إنه تراجع عن قراره بالخروج ويفضل البقاء في المنطقة وتسوية وضعه، خاصة أنه لم يحمل السلاح. "حزمت الأمتعة وتجهزت للخروج لكن ما رأيته صدمني لم أكن أتخيل أن الوضع بهذا السوء. أنا لم أحمل السلاح لكني كنت أرفض أن أسوي وضعي مع هذا النظام. اليوم أفكر بزوجتي وأولادي كيف سيتحملون هذا الشقاء والعناء للدخول إلى الحمام بالطابور وتعبئة المياه بالطابور. الحياة في الخيمة لا تطاق. بحسب شقيقي الذي سبقني إلى هناك فأعداد المهجرين كبيرة وهي بازدياد بعد دخول ريف حمص على خط التهجير وإمكانية تحسن الأوضاع ضعيفة. لذا  قررت البقاء هنا مهما كانت النتيجة".

ولاستقصاء حقيقة الوضع في مخيمات التهجير، بشمال حلب، استطلع "اقتصاد" آراء شريحة من المهجرين في مخيم جنديرس قرب عفرين، وبحسب "أم عدي"، مهجّرة من جنوب دمشق، فإن الوضع كان سيئاً جداً في اليوم الأول، إلا أنه بدأ بالتحسن تدريجياً، حيث تم تزويد المخيم بالماء والكهرباء والنت أيضاً. فيما يقول "أحمد"، مهجّر آخر، إن الوضع ليس بهذا السوء، مضيفاً "بطبيعة الحال وجودنا في المخيم مؤقت كونه مركز إيواء. المشكلة الرئيسية عدم وجود تنسيق مسبق لذلك تأخر تخديم المخيمات سواء بتوزيع الغذاء أو توفير مياه للحمامات وغيرها من خدمات".

ترك تعليق

التعليق