أحاديث لرمضان.. تلفزيون الساحل


اختار تلفزيون النظام السوري، أن يبدأ سلسلة برامجه في رمضان، بجولة على صالات مؤسسة التجارة في دمشق والقنيطرة، تحت عنوان عريض: إقبال جماهيري على الشراء بسبب رخص الأسعار بالمقارنة مع السوق.

في دمشق كان البث مباشراً من إحدى الصالات، التي لم يكن بها إقبال جماهيري ولا هم يحزنون، ومع ذلك رفض كل من حاولت المذيعة محاورتهم، الحديث عن الأسعار، واكتفت بالحوار مع مدير الصالة الذي يحمل اسم "علي زيود" وهو اسم له دلالاته في المجتمع السوري، ومرتبط بأذهانهم بمحافظ ريف دمشق في التسعينيات، الذي كان يحمل نفس الاسم، وكان يشكل مع أقرانه من باقي "العليات"، علي حيدر وعلي دوبا، اليد الضاربة لحافظ الأسد في سوريا وأبرز أدوات الفساد فيها.

علي زيود الذي هو مدير الصالة بدمشق، بدا كما لو أنه قادم للتو من أحد أرياف الساحل، ولم تظهر عليه ملامح التاجر البارع في تسويق بضاعته، وعلى ما يبدو أن رغبته الحقيقية كانت العمل في المخابرات، إلا أنه تم وضعه مؤقتاً مديراً للصالة.. ومثله كان معاون مدير المؤسسة العامة للتجارة، الذي لم يستطع أن يخفي هو الآخر لهجته الساحلية، وأخذ يتحدث عن الميزات الفنية لصالات المؤسسة بطريقة تشبه الحديث عن فك وتركيب البارودة الروسية.

وفي ختام الجولة، التي سيطر على الظهور فيها هذان الاثنان، لم تقدم الكاميرا أي صورة قريبة للمواد الموجودة في الصالة، كما أنها لم تقدم أية معلومة عن طبيعة الأسعار والتدليل على رخصها.

في القنيطرة، كان التقرير مسجلاً، والمشهد مختلفاً، فبالإضافة إلى أن الصالة كانت شبه فارغة، إلا أن الجميع أكدوا أن الأسعار ليست رخيصة، كما أنه لا تتوافر في الصالة أغلب المواد الأساسية.

ثم عادت الصورة إلى الاستديو، الذي كان يجلس به ثلاث مذيعات، واللواتي على ما يبدو كذلك، أنه لم يمض فترة طويلة على قدومهن من الساحل إلى دمشق.

فقدموا فقرة مع ضيفين، كانا يتحدثان بلهجة ساحلية واضحة، عن إنجازهما في تدريب زوجة "الشهيد" على العمل في التمديدات الكهربائية وأعمال الدهان والباطون والتمديدات الصحية، موجهان رسالة لهذه الزوجة بأن العمل "مو عيب"..!

الفقرة التي بعدها، كانت مع فنان الكاريكاتير، رائد خليل، ومع لهجة أهل الساحل مرة أخرى، وعلى فكرة هو رائد كذلك في توظيف الفن لخدمة المخابرات، وقد جعلت منه هذه الموهبة، مقدماً دائماً لفقرة في البرنامج الصباحي، بينما علي فرزات، أهم فنان كاريكاتير سوري وعربي، يعيش خارج البلد هارباً من بطش النظام.

الفقرة التالية، كانت عن المشاكل التي تواجه الدراما السورية في رمضان هذا العام، وعدم إقبال القنوات العربية على شراء الأعمال السورية،.. ويا للعجب، جميع من خرجوا وتحدثوا في التقرير، كانوا يصرون على إظهار لهجتهم الساحلية..!

أما الفقرة الأخيرة، فكانت الوحيدة التي لم تظهر فيها اللهجة الساحلية، لأنها باختصار كانت مع أهالي ريف دمشق الذين يريدون العودة إلى حضن الوطن، بينما يحيط بهم عناصر المخابرات من كل الجهات.
 
هكذا يريدون للشعب السوري أن يظهر في تلفزيون النظام، فما أشقه من عمل أن تشاهد هذا التلفزيون..!

ترك تعليق

التعليق