خسائر زراعية بالمليارات.. تسببت بها السيول التي اجتاحت السويداء


"سيول الربيع" كما يحلو لأهالي السويداء تسميتها، أو الأمطار التي جاءت بعد موعدها، أثقلت كاهل المزارعين بالمزيد من الخسائر بعد شتاء اتصف بشح أمطاره أصلاً، فالأمطار الغزيرة التي شهدتها مناطق جنوب البلاد، على مدى الأيام القليلة الماضية، انعكست سلباً على الموسم الزراعي الذي لم يكن على النحو المطلوب بسبب الجفاف.

ولم يقتصر الضرر على موسم الحبوب كالقمح والشعير والحمص الذي أصبح عرضة للتلف، إنما ساهم البرد بتلف محصول الأشجار المثمرة كالزيتون والتين والكرز والتفاح وغيرها من الثمار الصيفية مخلفاً خسائر بملايين الليرات، إضافة للتربة التي باتت بحاجة للاستصلاح مجدداً بسبب الانجراف الذي أصابها، لاسيما في مناطق ظهر الجبل نظراً لقوة السيول التي جرفت الشجر والحجر.

تلف في المحاصيل

أكد "وائل كرباج"، مهندس زراعي من السويداء، أن الأمطار الغزيرة تركت أثراً سلبياً على الموسمين الشتوي والصيفي معاً، وذلك لأنها جاءت قبل موسم الحصاد بالنسبة للمزروعات البعلية، وبداية الإزهار لأشجار الزيتون وبداية مرحلة الإثمار لأشجار التفاح والعنب واللوزيات.

ونوه إلى أن الزراعات المروية ومشاريع الخضار تضررت أيضاً حيث أدت السيول لإغراق قسم كبير منها وإتلاف القسم الآخر.

وأضاف "كرباج" في حديث لـ "اقتصاد" أن السويداء تعتمد على المحاصيل الزراعية كمورد أساسي وهام ووحيد لشريحة كبيرة من المواطنين في الدخل المادي والاقتصادي، مشيراً إلى أن الخسائر الناجمة عن الأمطار تراوحت ما بين (40) % إلى (80) % من الموسم الزراعي الشتوي، وحوالي (40) % من الموسم الزراعي الصيفي.

وتابع أنه "وحسب النسب المئوية تجاوزت خسائر السويداء (10) مليارات ليرة سورية"، لافتاً إلى أن السبب يعود لاختلاف شدة الأمطار بين منطقة وأخرى.

أضرار بالجملة

أفادت "ناديا مطر"، مهندسة زراعية، أن تأثير السيول على الاقتصاد الزراعي شمل المستهلك والمنتج والمزارع، مشيرة إلى أن السوق يشهد ارتفاعاً في الأسعار يزيد على (30) %، وهي نسبة ترهق المواطن وخصوصاً أسعار الخضار التي تشكل الغذاء الرئيسي للسكان في المنطقة.

وأردفت "مطر" لـ "اقتصاد" أنه وبالنسبة للمزارعين وعلى وجه الخصوص الذين تضرروا بشكل كبير جداً حيث وقعت أراضيهم في مناطق خط المطر سوف يتحملون أعباء مالية قد تلاحقهم حتى الموسم القادم، حيث تبلغ تكلفة الدونم الواحد (60) ألف ليرة سورية، وقد لا يتمكنوا من رد هذه التكلفة.

ونوهت إلى أن "مديرية زراعة السويداء، التابعة للنظام، قامت بدراسة تعويض الخسائر على المزارعين، ومن المقرر أن تمنح مساعدة مالية تتراوح بين (3/5) آلاف ليرة سورية عن كل دونم حسب حجم الضرر، وهو ما لا يغني ولا يسمن من جوع قياساً بالضرر الذي لحق بالفلاحين ومشاريعهم والذي قدر بالملايين".

وتحدثت "مطر" عن زيارة قامت بها لبستان تعود ملكيته لأحد المزارعين ويقع بالقرب من سد الروم في منطقة ظهر الجبل، ويحوي أشجار التفاح والتين، وأن موسم البستان فسد بشكل شبه كامل، وأن حبات البرد ثقبت حتى ثمار التين التي صمدت على الشجرة، وأسقطت الثمار الباقية وأن المزارع صاحب البستان كان قد دفع مبلغ مليون ونصف مليون ليرة سورية ما بين رش البستان بالمبيدات الحشرية وحراثة الأرض وتقليم الأشجار، الحال الذي ينطبق أيضاً على كافة المزارعين في السويداء والذين تفاوتت أضرارهم تبعاً لمساحة بساتينهم

سوق مضطرب

اعتبر "جهاد علوان"، معني بالشأن الاقتصادي، أن الأضرار التي تسببت بها السيول على الموسم الزراعي ستفرض على السوق بشكل عام وعلى المزارع بشكل خاص أعباء مادية كبيرة.

وقال "علوان" لـ "اقتصاد": "إنه ومن ناحية أخرى وحسب معطيات نسبة هطول الأمطار سيكون الموسم القادم أفضل حالاً من وضعه الاعتيادي، وذلك لنسبة المياه في الأرض وضعف الثمر في الأشجار، مما يعطي الشجرة قوة للموسم القادم إن لم يتعرض الموسم القادم أيضاً لتقلبات المناخ".

وتابع "علوان": "بدأ السوق بالتأثر فعلياً بتضرر الموسم الزراعي حيث تسجل أسعار الخضروات حالياً أسعاراً أعلى من سعر الموسم المفروض والمعتاد، وخصوصاً بأن سوق الخضار في السويداء لا يعتمد فقط على الناتج المحلي بل يستعين بالسوق في محافظة درعا والتي هي بدورها تأثرت بشكل كبير من الأمطار والسيول".

ورجح "علون" أن سوق الموسم الشتوي سيشهد أيضاً أسعاراً مرتفعة نظراً لقلة الناتج، ومن المتوقع أن يرتفع سعر لتر زيت الزيتون لهذا العام بنسبة (30) % عن موسم السنة الماضية، والذي سجل فيه سعر الكيلو الواحد منه حوالي (1750)".

ترك تعليق

التعليق