أحاديث لرمضان.. مزح السوريين بعد العام 2011


صديق في الداخل، كلما تواصلت معه منذ ست سنوات وحتى اليوم، لم أسمع منه سوى كلمة واحدة، عندما أسأله عن أحواله وأوضاعه، وهي: والله مديون وحالي عدم.

وخلال السنوات الماضية كنت أحثه على الخروج من سوريا، وبأنني أستطيع أن أساعده بعمل ما، لكنه كان يصر على أنه لن يرحل عنها إلا مستلقياً على قفاه.

مؤخراً فوجئت برقم غريب يتصل بي، يعود لدولة أفريقية، هكذا خمنت، إلا أنه كان صديقي، وقد أخبرني أنه تعرف على صديق قديم عبر الفيس بوك، وهذا الأخير ساعده في الخروج إلى البرازيل.

استبشرت خيراً بالخبر الجديد، فقد كان صوته غضاً وندياً، وخلت منه حشرجة الحزن التي كنت أسمعها منه في السابق.. فسألته عن أحواله في البرازيل وماذا ينوي أن يفعل بها..؟، فأطلق من فهمه صافرة طويلة، كانت عبارة عن ضحكة ساخرة، ثم قال لي: "والله مديون وحالي عدم..!"، وتابع: "الصديق الذي وصلت لعنده، طلب مني أن أنتظره بضعة أيام، لأنه مسافر إلى سلطنة عمان، حيث يملك هناك مشغلاً للخياطة، وها قد مضى أكثر من شهر، ولا حس ولا خبر، ولا أملك أية وسيلة للاتصال به، وأنا أجلس في بيته المستأجر، السماء والطارق. وصاحب البيت الذي لا أفهم عليه، يريد من صديقي الآجار ويهددني بالطرد".

شعرت أن القصة غريبة بعض الشيء، فقلت له: وماذا بعد..؟، ماذا ستفعل..؟
 
فرد وقد صرخ بضحكة طفولية عالية: "نصف ساعة وسوف أكون في المدينة التي تعيش فيها.. انتظرني في محطة القطار".. ثم أغلق الاتصال، ولم يسمح لي أن أسأله، كيف حدث هذا، ومتى وصل إلى فرنسا..؟، حاولت الاتصال به مرة، إلا أنه كان قد أغلق هاتفه، فانطلقت مسرعاً إلى محطة القطار، مصدقا أنه في طريقه إلي.. وها قد مضى يومان ولم يصل، ولم يتصل بعدها.. لأعرف من شخص ثالث أنه كان يتصل بي من لبنان، من صديق له يحمل هاتفاً برازيلياً، وقد أراد أن يمزح معي بهذه الطريقة الوحشية.

ما أصعب مزح السوريين بعد العام 2011.

ترك تعليق

التعليق