كيف يُؤثّر انخفاض سعر الليرة التركية على السوريين؟


شهد سعر صرف الليرة التركية انخفاضاً كبيراً في الآونة الأخيرة، مقابل الدولار، ازداد حدةً بعد إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مُبكرة، في حزيران القادم.

الانخفاض في سعر الليرة التركية سيكون له أثر كبير على 3.5 مليون سوري، انتقلوا للعيش في تركيا خلال سنوات الحرب في بلادهم.

"سقراط العلو"، الباحث في الشؤون الاقتصادية والمقيم في مدينة "اسطنبول" التركية، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "إن ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة سيدفع الحكومة التركية إلى تثبيت السعر عند حدود ٤ ليرات تركية للدولار، و٥ ليرات تركية لليورو، ولن تستطيع الحكومة إعادة السعر إلى المستويات السابقة قبل الارتفاع الأخير حينما كانت الليرة التركية بـ 3.8 مقابل الدولار. هذا بالطبع  سيؤدي إلى زيادة في أسعار السلع الأساسية بما فيها الأغذية والمواد التموينية. هذا الارتفاع لن يؤثر بشكل كبير على المواطن التركي كون الحكومة التركية تقوم سنوياً بزيادة الأجور للأتراك بمقدار يساوي نسبة التضخم، ولكن بالنسبة للعمالة السورية فستكون الأكثر تأثراً بهذه الزيادة لأنها تعمل دون حماية قانونية وضمن أجور متدنية تقل عن الحد الأدنى للأجور في تركيا، كما أن الزيادات التي تفرضها الحكومة التركية للأجور لا تشملهم بسبب عملهم في المنشآت التركية بطريقة غير قانونية".

ويتابع العلو قائلاً: "أثر انخفاض قيمة الليرة سيكون ضمن مستويين من حيث تأثيره على السوريين، المستوى الأول قصير المدى يتعلق بارتفاع أسعار المواد الأساسية، والمستوى الثاني بعيد المدى يتعلق بارتفاع أسعار آجارات المنازل بمقدار نسبة التضخم وما قد يترتب على تثبيت سعر الدولار عند ٤ ليرات تركية من ارتفاع في أسعار المواصلات والطاقة أي فواتير الكهرباء والغاز لأن تركيا تستورد احتياجاتها من الطاقة بالدولار. كما أن أثر انخفاض قيمة الليرة وارتفاع أسعار السلع في تركيا سيشمل أيضاً السوريين في المناطق المحررة وبخاصة في الشمال، الذي يعتمد على السلع التركية".

الباحث في الشؤون الاقتصادية أضاف: "لن يعود سعر صرف الليرة التركية إلى سابق عهده في حال نجاح الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستشهدها البلاد، لأن الحكومة التركية تعتبر الانخفاض في سعر الليرة عاملاً في زيادة السياحة والاستثمار أي أن الانخفاض يعتبر إيجابياً، من وجهة نظر المسؤولين الاقتصاديين".

"عبد الرحمن السراج"، رئيس تحرير موقع "تركيا برس"، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "زيادة الأسعار أمر حاصل  باستمرار، مع انخفاض سعر العملة، ومعدل التضخم المرتفع نسبياً، حسب الحكومة التركية، وهي تؤثر بالطبع على السوريين كما تؤثر على الأتراك أيضاً. ولكن ربما تكون ظروف السوريين أصعب باعتبار أن أجور عدد كبير منهم أقل نسبياً من ناحية، ولكون مصاريفهم أكثر من الأتراك من ناحية أخرى، مثل إيجارات البيوت، فالسوريين في الغالب ليسوا ملاكاً على عكس الأتراك، وخلفيتهم الاستهلاكية مختلفة عن الأتراك، فالبيت السوري يستهلك بالمعدل أكثر من البيت التركي، وربما يستغرق تغيير هذه الثقافة الاستهلاكية وقتاً".

"السراج" أضاف بالحديث عن أسباب هبوط سعر الليرة التركية قائلاً: "هبوط العملة التركية مقابل العملات الأجنبية يعود بشكل مباشر إلى المضاربات وخروج العملة الصعبة (الدولار) من البلاد، ويحدث ذلك في فترات يزيد فيها التخوف من عدم الاستقرار السياسي، مثل الفترة التي تسبق الانتخابات. ولذلك يتوقع أن تستقر العملة عند مستواها الحالي، أو ترتفع مقابل الدولار بعد حسم نتيجة الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان، إذ من المستبعد نجاح مرشح آخر بسبب ضعف المرشحين المنافسين لأردوغان، من ناحية المؤهلات ومن ناحية ثقة القاعدة الشعبية بهم، حتى أن زعيم حزب الشعب الجمهوري لم يترشح ضد أردوغان ورشح سياسياً من الدرجة الثانية".

وأضاف السراج: "المواجهة الأكبر ستكون في الجولة الثانية، إذا لم يحسم أردوغان الانتخابات بالأغلبية من الجولة الأولى، وذلك لأن أصوات المعارضة ستتحد وراء مرشح واحد في الجولة الثانية، وحتى في حينها سيصعب هزيمة أردوغان لوجود خلافات في معسكر المعارضة تحول دون توحدها خلف مرشح واحد".

الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية لم يؤثر فقط على السوريين كعمال في البلاد بل كان له أثر كبير على المستثمرين أيضاً.

"اقتصاد" تمكن من التواصل مع أحد المستثمرين السوريين في مجال البناء، في ولاية بورصة، والذي يتحفظ "اقتصاد" عن ذكر اسمه بناء على طلبه.

المستثمر قال: "أسعار مواد البناء بالمجمل وأبرزها الحديد، ازدادت على أقل تقدير بنسبة 40% تزامناً مع الارتفاع الأخير في سعر الدولار، في حين أن أسعار العقارات بقيت ثابتة في ظل الخمول الذي يشهده سوق بيع وشراء العقارات".
 
وحسب وصف المستثمر، فإن الارتفاع في سعر الدولار أثّر سلباً على السياحة من حيث ارتفاع أجور الفنادق وايجارات الشقق وهو ما يعاكس وجهة النظر التي تقول أن الارتفاع في سعر الدولار يعتبر عاملاً إيجابياً في زيادة السياحة والاستثمار في البلاد.

المستثمر أضاف: "في كل يوم يتوقع فيه ارتفاع سعر الدولار مجدداً يقوم تجار مواد البناء بإيقاف البيع حتى إعلان السعر الجديد للدولار، كي يبيعوا بضاعتهم بسعر أكبر".

يُذكر أن الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي أعلن عنها الرئيس، رجب طيب أردوغان، هو الرابع والعشرين من حزيران / يونيو المقبل.

ترك تعليق

التعليق