اقتصاديات.. إيران تشرب من الكأس العراقي


بدأت الولايات المتحدة سلسلة إجراءات عقابية ضد إيران، هي عبارة عن عقوبات اقتصادية صارمة، وصولاً إلى تحقيق مطالب سياسية، يمكن تلخيص أهدافها، بتغيير نهج طهران السياسي المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط..
 
لكن المتأمل بحجم الهجوم الأمريكي والإسرائيلي على إيران، لا بد أن يلاحظ بأن الأمر يتعدى تحقيق بعض المطالب السياسية، وإنما يهدف إلى إنهاء حكم الملالي في طهران بشكل نهائي، والذي على ما يبدو وصل إلى طريق مسدود في تعامله مع الغرب وأصبح من الضروري تغييره كاملاً.

بكل تأكيد، لا تتحرك أمريكا من واقع حرصها على شعوب منطقة الشرق الأوسط ودولها، وإنما بداية من حرصها على أمن إسرائيل، وفي الدرجة الثانية، يأتي دور ثروة إيران النفطية والغازية، وثالثاً وأخيراً، دول الخليج العربية.

الحفاظ على أمن إسرائيل، يمكن تحقيقه عبر إبعاد إيران عن سوريا، ووقف دعمها لحزب الله.. وهو أمر ترفضه إيران بشكل مطلق بحسب تصريحات مسؤوليها، وتعتبر أن أي خطوة لها في هذا المجال، تشكل بداية النهاية لها.. لهذا كان المطلب الأمريكي الآخر بفرض عقوبات اقتصادية قاسية وإجراء عميات تفتيش على منشآتها النووية، وعلى غرار المشهد العراقي، ليدفع إيران حكماً للرضوخ، لأن بوادر هذه العقوبات تتجه إلى منع إيران من تصدير نفطها.
 
محللون آخرون، وبالذات من المنتمين لمحور ما يدعى "الممانعة"، يرون أن الضغط على طهران، والدفع بمعاقبتها، لا يمت بصلة لأمن إسرائيل ولا إلى الاعتراض على تدخلها في دول المنطقة، وإنما يهدف إلى تجريد إيران من ثروتها الغازية القادمة من حقل "بارس" على وجه التحديد، والذي تشير الدراسات، إلى أنه سيضع إيران على قائمة منتجي الغاز في العالم.. لذلك يقول هؤلاء المحللون، بأن الخطة الأمريكية الإسرائيلية تقضي، بمنع طهران من استثمار هذا الحقل، لأنها ترفض تمريره عبر تركيا إلى أوروبا، وإنما تريد الوصول إلى البحر المتوسط، لتمريره عبره إلى أوروبا بالاتفاق مع روسيا، التي تريد أن تحتفظ بسيطرتها على مصادر الغاز الرئيسية المتاحة للأوروبيين.

بكل الأحوال، مهما تنوعت الأسباب، التي تدفع أمريكا لإخراج إيران من سوريا والضغط عليها لوقف تمويلها للميليشيات التابعة لها، كحزب الله والحوثيين، فإن ذلك سوف يعود بالنفع على القضية السورية، وطريقة حلها.. إنه يعني فيما يعنيه أن نظام الأسد سوف يخسر خاصرته القوية من جهة العراق، وتبقى خاصرته الرخوة التي تتحكم بها روسيا من جهة المتوسط.. وهذا كفيل لوحده، بإخراجه من جميع الحسابات السياسية لمستقبل سوريا.. كيف سيكون ذلك..؟، هذا رهن بطبيعة الرد الإيراني على الشروط الأمريكية.. لأن إيران بدأت تشعر أن نظام الأسد جزء من المؤامرة عليها لإخراجها من سوريا.. فهي قد تتشبث وترفض الخروج، وهذا بحسب التهديدات الإسرائيلية سوف يكلف بشار الأسد رأسه..

ترك تعليق

التعليق