لا عمل لحملة الشهادات من السوريين في موريتانيا


تعاني نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين في موريتانيا ممن يحملون الشهادات الجامعية من انعدام فرص العمل وعدم السماح لهم بممارسة مهنهم، الأمر الذي انعكس سلباً على أوضاعهم من الناحيتين المادية والمعنوية؛ وجعلهم بعيدين عن التعايش والاندماج ضمن الوسط البيئيّ الاجتماعي والإنساني.

ورغم أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة /10/كانون الأول ــ ديسمبر/1948/ ووافقت عليه الحكومة الموريتانية يدعو إلى الاعتراف بشهادات اللاجئين العلمية والأكاديمية مع حق ممارسة أية مهنة يودون ممارستها، إلا أن هذا القرار لا زال مجرد حبر على ورق، ولم تطالب المفوضية قانونياً بهذا الحق المشروع كما كفلته قوانينها أو تضغط من أجل تحقيقه-كما يقول الأمين العام للمكتب التنفيذي لممثلية اللاجئين العرب في نواكشوط "بدر الدين عبد الرحمن" لـ"اقتصاد"- مشيراً إلى أن اللاجئين في موريتانيا (شمال غرب أفريقيا) يعانون من عدم توفر فرص وإمكانية العمل الخاص ومنح التراخيص في المجال الطبي والصيدلي والصحي بعامة نتيجة عدم السماح لهم بإقامة عيادات وتملك صيدليات أو مستوصفات ومراكز طبية خاصة، وعدم منح التراخيص المهنية للكوادر العلمية الأكاديمية من صيادلة وأطباء وحتى أساتذة جامعيين.

 وأكد عبد الرحمن أن تعنت الأمانة العامة لنقابة الأطباء والصيادلة وموقفها السلبي الرافض لمنح "السلك المهني" للسوريين حصراً يحول دون الحصول على فرص عمل أو وظائف يؤمنون من خلالها لقمة عيشهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها في هذا البلد العربي الفقير بموارده.

 ولفت محدثنا إلى أن هذه الجهات تتعلل بعدم وجود بروتوكول متبادل مع الحكومة السورية يخولها توظيف اللاجئين السوريين في حين أنها وللمفارقة-كما يقول- تسهل وتمنح التراخيص للاجئين السنغاليين والماليين، مع أن معظم أعضائها، إن لم يكن كلهم، ممن تخرّجوا من الجامعات السورية بعد أن حصلوا سابقاً على منح إيفاد دراسية مجانية.

 وكشف محدثنا أن عدداً من حملة الشهادات الأكاديمية من أطباء أسنان وصيادلة سوريين تقدموا منذ عام إلى الأمانة العامة لنقابة الأطباء والصيادلة بهدف الحصول على تسجيل رسمي في مجالات اختصاصهم ولم تتم دراسة طلباتهم أو الموافقة عليها إلى الآن رغم ندرتهم.

ودفعت الظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون السوريون في موريتانيا إلى العمل وفق شروط غير عادلة لا تتلاءم ومؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية أو العمل من وراء الستار بالنسبة للمجالات الطبية والصيدلانية والصحية والتعليمية الأكاديمية وبأجور متدنية لا تتلاءم مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية–كما يؤكد عبد الرحمن- مشيراً إلى أن عقود العمل عادة ما تكون صورية لا تكفل حقوقهم أو تعويضاتهم المستحقة.

ومن المفارقة–بحسب محدثنا- أن الحكومة الموريتانية تسمح للاجئين بمزاولة نوع محدد من المهن الحرفية والأعمال اليدوية المحدودة البعيدة عن المجالات الأكاديمية والتخصصات العلمية-وتحديداً الطبية والصيدلية والجامعية - من مثل: المطاعم والمقاهي والبقاليات ومغاسل الألبسة والمخابز وأعمال النجارة والحدادة والخياطة والحلاقة وأدوات البناء والخردوات باستثناء-سائقي الأجرة -، بوصفها مهناً شعبية وحرفاً دونيةً حسب الأعراف والتقاليد السائدة، لكنها رغم ذلك كله تتطلب-كما يقول- رأسمالاً معقولاً ومرتفعاً نسبياً، يفتقده معظم، إن لم يكن كامل اللاجئين الفارين من جحيم الموت.

عبد الرحمن أشار إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعاقدت مع أحد مصارف التسليف لمنح اللاجئين في موريتانيا قروضاً ميسرة، تسدد على أقساط شهرية؛ لمساعدتهم في تأسيس بعض الأعمال المتواضعة ومزاولة المهن الشعبية سابقة الذكر، لكن الواقع أن تلك القروض المتواضعة جداً لا تفي بالغرض ولا تؤدي الغاية المرجوّة، كونها محدودة ومنخفضة، قياساً بما تستلزمه وتتطلبه المشاريع على مختلف أنواعها.

ولفت محدثنا إلى أن ما يواجهه اللاجئ السوري في موريتانيا عموماً من معاناة وعوائق وعراقيل في مجال التوظيف ومزاولة العمل إنما يعود إلى تصرفات فردية شخصية سائدة طاغية، مثنياً على الموقف الجمعي الأخوي الشعبي للموريتانيين حيال اللاجئين السوريين فهم يتسمون-كما يقول- بالإنسانية والمروءة والنبل وانعدام النزعة العنصرية على نقيض ما لاقوه في الكثير من الدول الأخرى، إن لم يكن كلها.

ترك تعليق

التعليق