لماذا تنتشر الجريمة في السويداء؟


تشهد محافظة السويداء انتشاراً لجرائم القتل والفوضى بمختلف أشكالها، حالة بدأت تطفو على السطح بشكل واضح وجلي، خلال العامين الماضيين، فبالكاد يمر يوم دون توثيق جريمة قتل أو خطف أو قطع طريق.

وعزى مراقبون للوضع في المحافظة هذه الفوضى لانتشار السلاح العشوائي بأيدي مجموعة من أصحاب السوابق، والذين تم إطلاق سراحهم من السجون بمراسيم العفو التي أصدرها رأس النظام بشار الأسد، لتطلق الأجهزة الأمنية يدهم فيما بعد بمحاولة لنشر الجريمة وخلق حالة عدم استقرار.

فيما حمّل ناشطون في السويداء، إلى جانب ما سبق، الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها الشباب جزءاً من الفوضى التي تمر بها المحافظة، وذلك نتيجة البطالة وغلاء الأسعار وغيرها من المشاكل الحياتية، التي هيأت المدينة كي تصل لحالة انعدام الأمان التي تعاني منها الآن.

"جميل أبو حمدان"، معني بالشأن الاقتصادي، قال: "ساهمت انتكاسات اقتصادية عدة مثل الفصل التعسفي لعدد كبير من الموظفين  في دوائر النظام الرسمية، والملاحقة الأمنية لعدد آخر، إضافة لترك الآلاف من الشباب للخدمة العسكرية، وفقدانهم مدخولهم المادي لوجود عدد من العاطلين عن العمل، والمهيئين للعمل في مجالات غير مشروعة".

وتابع في حديث لـ "اقتصاد": "وبظل هذه الظروف وسعي النظام الأمني لتفشي الجريمة كان هؤلاء لقمة سائغة للعصابات المشكلة أمنياً، والتي تهدف لضرب البنية الاجتماعية والأخلاقية في السويداء".

ولفت المصدر إلى أن "الظروف الاقتصادية الصعبة، ومتطلبات الحياة اليومية دفعت بالكثير من هؤلاء الشباب لامتهان السرقة والتهريب والسلب بالقوة"، مشيراً إلى أنه ومن أهم أسباب التفشي السريع والواسع للجريمة، "عدم وجود رادع أمني أو اجتماعي أو عشائري لهؤلاء الشباب، ولسهولة هذه الأعمال ووجود السلاح بشكل كبير في متناولهم".

وأردف: "تطورت هذه الأعمال الفردية لتصبح بشكل منظم أكثر، وتتحول لأعمال الخطف والسطو المسلح لما يدر من أموال طائلة تصل في بعض الحالات لما يزيد على (50) مليون ليرة سورية في العملية الواحدة".

ورأى أن "مثل هذا الوضع نتيجة طبيعية إذ أن الأسرة المؤلفة من 4 أشخاص تحتاج لمئتي ألف ليرة شهرياً لسد متطلبات العائلة واحتياجاتها في بلد راتب الموظف من الفئة الأولى لم يتجاوز الخمسين ألف ليرة، فكيف إذا تم حرمان هذا الموظف بسبب التخلف عن الخدمة في جيش النظام من هذا المعاش الذي لم يعد يكفيه أصلاً؟".

ونوه "أبو حمدان" إلى أنه "ومن خلال التهريب والخطف وقطع الطريق تحصل العصابات على أموال ضخمة، وفي حالات الخطف مثلاً يطالب الخاطفون عائلة الضحية بمبالغ تصل أحياناً لـ 100 مليون ليرة سورية مقابل إطلاق سراح المخطوف، الأمر الذي جعل العديد من هؤلاء الشباب يستسهلون مثل هذه الأعمال اللاأخلاقية".

من جانبها، "داليا مسعود"، باحثة اجتماعية، اعتبرت أن "التحصيل العلمي وما ينتج عنه من وظائف لم يعد يلبي حاجات المواطن المالية، الأمر الذي دفع الكثير من الشباب لامتهان أعمال لا تتناسب مع تحصيلهم العلمي".

وضربت "مسعود" مثالاً على ذلك "أن المدرس (ص. الشعراني)، وهو مدرس في إعدادية بلدة الدور بريف السويداء الغربي، قام وعبر اتصال هاتفي، وعلى مسامع الطلاب بإتمام صفقة بيع عدد من قطع السلاح".

وبالتالي فإن الجريمة في السويداء باتت مرتبطة بشكل وثيق جداً بالحالة الاقتصادية، فالوضع الاقتصادي المتردي هو السبب الأقوى لتفشيها بشكلها الحالي، حيث القنوات الاقتصادية في المحافظة قليلة جداً ومحدودة، وأي خلل في هذه القنوات ينعكس سلباً وبشكل ملحوظ على الوضع الاقتصادي ككل، حسب وصفها.

وأكدت "مسعود" لـ "اقتصاد" أنه "وحسب مصدر خاص من فرع الأمن الجنائي التابع للنظام في السويداء هناك قائمة لأكثر من (11) ألف مطلوب بقضايا جنائية، خلال الأعوام الثلاثة الماضية"، مشيرة إلى أن أكثر هذه الأسماء مطلوبة لقضايا سلب وسرقة وترويج مخدرات وخطف وقتل، وأن القائمين على هذه العصابات من أصحاب السوابق الذين يفتقدون لأي رادع أخلاقي بطبيعة الحال.

وعن نتائج تفشي الجريمة قالت "مسعود": "خلق انتشار الجرائم حالة من عدم الأمان وهناك العديد من المناطق لا يمكن التجول فيها ليلاً وفي بعض الأحيان نهاراً، إضافة لرواج حالة من التوتر الدائم، وعدم الثقة بين شرائح وأفراد المجتمع".

ترك تعليق

التعليق