مخيمات القنيطرة تعجز عن استيعاب نازحي درعا.. والأهالي يبنون خيامهم بأيديهم


فرضت العملية العسكرية التي أطلقتها قوات الأسد والمليشيات الموالية لها على المناطق المحررة في محافظة درعا، واقعاً مأساوياً على المدنيين الذين باتوا بين خيارين أحلاهما مرّ، النزوح إلى المجهول أو البقاء تحت وطأة القصف الجوي والمدفعي. وحذرت الأمم المتحدة من كارثة قد تحل بالجنوب السوري تهدد سلامة 750 ألف شخص، وتعرض حياتهم للخطر وتتسبب في موجات نزوح.

وشهدت مناطق في ريف المحافظة الشرقي وبلدات في ريفها الشمالي قصفاً عنيفاً براجمات الصواريخ وقذائف المدفعية مما تسبب بموجات نزوح قدرت بالآلاف، هي الأكبر منذ سنوات. وتوجه معظم النازحين إلى الحدود الأردنية في محافظة درعا وإلى المناطق الحدودية بالقرب من الجولان السوري المحتل في محافظة القنيطرة.
 
مئات العائلات نزحت باتجاه مخيمات محافظة القنيطرة المجاورة، "بريقة والأمل والرفيد والكرامة وتل السمن" وغيرها من المخيمات  بالقرب من حدود الجولان السوري المحتل، تلك المخيمات التي تعاني أساساً من أوضاع مأساوية وغير قادرة على استيعاب موجات نزوح جديدة خاصة مع غياب المنظمات الإنسانية عن تقديم الخدمات للنازحين الذين بات قسم كبير منهم في العراء لعدة أيام قبل إن يبادروا ببناء مخيم جديد بالقرب من قرية بريقة - تلة عكاشة في ريف القنيطرة، باستخدام الأخشاب التي قاموا بشرائها، وذلك لتوفير مأوى مؤقتاً، مطالبين الهيئات والمنظمات الإغاثية بالتدخل السريع لتحسين ظروفهم السيئة.
 

"أبو عاطف" من مدينة الحارة في ريف درعا الشمالي، قال لـ "اقتصاد"، إنه هرب بأطفاله من القصف بحثاً عن الأمان لكنه لم يجد مأوى في مخيمات القنيطرة. "خرجنا من تحت القصف هرباً بأطفالنا، بحثاً عن الأمان باتجاه مخيمات القنيطرة. ولعدة أيام ونحن في العراء، نبحث عن مأوى، ولم نتمكن من إيجاد خيمة نأوي إليها. قسم من العائلات النازحة تم تأمينها في خيم جماعية اشتركت فيها أكثر من عائلة. بدأنا ببناء مخيم جديد في منطقة بريقة باستخدام الأخشاب التي قمنا بشرائها والبطانيات التي قدمها عدد من أهالي المنطقة. الخيمة التي بنيناها بسيطة جداً، ولا تصلح للإقامة، ولكننا مضطرون للسكن بها".
 
وأردف "أبو عاطف" قائلاً: "وضع الأهالي سيء جداً. الكثيرون منهم خرجوا من قراهم ولم يحملوا معهم أي شيء تركوا ممتلكاتهم خلفهم بسبب القصف العنيف والمفاجئ والذي كان كفيلاً بإخلاء المنطقة خلال ساعات قليلة. أناشد المنظمات والمؤسسات الخيرية أن تتحرك بسرعة لتدارك الوضع ومساعدة النازحين بتأمين الخيام ومياه الشرب، وتوفير نقطة طبية. الوضع مأساوي جداً. هناك عائلات من درعا وعائلات من الغوطة نزحت إلى درعا، واليوم نزحت إلى القنيطرة. آلاف العائلات بحاجة للمساعدة بينهم نساء وأطفال وعجزة".
 

السيد "إسماعيل الرفيدي"، مدير مخيم الكرامة، أفاد في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "نعاني من ضعف الإمكانيات فلا يوجد خيام ولا خزانات للمياه ولا حمامات. هذا الأمر ينطبق على جميع المخيمات في المنطقة التي تعجز عن استيعاب موجات نزوح جديدة، في مخيم الكرامة تمكنا من استقبال 71 عائلة فقط قمنا بوضع كل عائلتين في خيمة واحدة بسبب عدم توفر خيم. حتى اللحظة لم تقدم المنظمات أي مساعدة. بعض المنظمات قامت بإجراء استبيان فقط".

وأضاف الرفيدي: "أـدعو المنظمات الدولية والمحلية لتقديم المساعدة للنازحين. الحلول يجب أن تكون سريعة فالمخيمات تفتقر لكل شيء وأعداد النازحين بازدياد خاصة مع تصاعد عمليات القصف واشتداد المعارك. بعض العوائل بنت خياماً بسيطة بنفسها كمأوى مؤقت منتظرين أن تدخل الجهات الإغاثية لتقديم خيم تصلح للإقامة".
 

أزمة كارثية يشهدها الجنوب السوري تتسع بتأثيراتها تباعاً على النازحين لتفاقم من معاناتهم، فأعداد النازحين بازدياد وسط غياب شبه تام للمساعدات الإنسانية مع اتساع دائرة المعارك واشتراك الطائرات الروسية في عمليات القصف.

ترك تعليق

التعليق