اقتصاديات.. "العلونة" تهدد مؤسسات الدولة بغياب الكفاءات


ما من وزير في حكومة النظام، إلا ويُلمّح إلى أن وزارته تعاني من غياب الكفاءات، وأن ذلك من أسباب تخبط العمل الحكومي وتراجع جودته، ومن ثم خسارته فيما يخص المؤسسات الاقتصادية.

وغياب الكفاءات، مسألة غير مرتبطة فقط، بهجرة عدد كبير من الموظفين في الدولة إلى خارج البلد بفعل ممارسات النظام القمعية بحق أبناء المناطق التي ثارت على حكمه، وإنما تعطينا مؤشراً أيضاً، عن العناصر العلوية التي كانت ولازالت تعمل في هذه المؤسسات، فهي تفتح وعيها ونمت وترعرعت ضمن دائرة الفساد الطائفية، حيث ابن الطائفة يحصل على ما يشاء من المناصب والمزايا دون أن يكلفه ذلك اتقان عمله، بينما من كان يقع العمل على كاهله هم أبناء الطوائف الأخرى، والذين أدركوا في فترة مبكرة، أن اتقانهم لعملهم هو من يحميهم في مواقعهم.

وهذه الصورة عن مؤسسات النظام، لا تخص قطاعاً بعينه، كالجيش والمخابرات مثلاً، وإنما جميع قطاعات الدولة، بدءاً من عمال النظافة وانتهاء بأعلى المناصب الحكومية، حيث أنه أينما تواجد العنصر العلوي، فهو معروف عنه أنه غالباً ما يتقاعس عن أداء واجباته، ويهرب من المهمات التي تتطلب معرفة وجهداً، لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه يستطيع الحصول على ما يريد دونما حاجة لأن يمتلك هذه المهارات.

وقد أضرت هذه الاستراتيجية بأبناء الطائفة العلوية، الذين تميزوا في فترة الخمسينات والستينات، بأنهم قدموا أسماء مهمة في الثقافة والأدب والعلم، بينما لم تستطع هذه الطائفة أن تقدم اسماً لامعاً، منذ تولى حافظ الأسد السلطة في مطلع السبعينيات وحتى اليوم.

اليوم يواجه النظام مشكلة كبيرة في إدارة مؤسسات الدولة، بعدما أصبح العنصر العلوي هو الذي يحتل أغلب المواقع في هذه المؤسسات.. وهو لا يخفي، أي النظام، حجم الكارثة التي يعيشها، بفضل غياب الكفاءات القادرة على إدارة العمل الحكومي في شتى قطاعاته.. لذلك بدأ يسعى مؤخراً لإقرار قانون إداري جديد، يسعى لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بحسب ما كشفت وسائل إعلام النظام.

وقد لاقى القانون، مناقشة شرسة داخل مجلس الشعب، كما واجهت مقدمته وزيرة التنمية الإدارية، سلام سفاف، انتقادات لاذعة، وهي التي أعلنت أنها اأعدت قانونها بتوجيه من بشار الأسد ذاته، وذلك بعدما انكشف الوضع في المؤسسات الحكومية على مساوئ كثيرة ومخاطر جمة، تنبئ بأن هذه المؤسسات، تنحدر من سيء لأسوأ.

ولعل أبرز التعديلات في القانون الجديد الذي حملته سفاف إلى مجلس الشعب، هو إلغاء سجل العاملين في الدولة، والتعويض عنه بأفرع للتنمية البشرية، هدفها تقييم جميع العاملين في الدولة، من حيث اختصاصاتهم وكفاءاتهم ومن ثم وضعهم في الأماكن المناسبة لقدراتهم.

وينظر بعض أعضاء مجلس الشعب بتخوف إلى هذا القانون، وبأنه لن يحل المشكلة، لأن الواسطة سوف تبقى لفترة طويلة هي العمود الفقري داخل مؤسسات الدولة، وهم لم يخفون خشيتهم أن يتم تطبيقه فقط على من لا سند له، وبالتالي العودة لذات السوء ولكن بأدوات أخرى.

ترك تعليق

التعليق