"اقتصاد" يرصد آخر تطورات النزوح في درعا


عادت مئات العائلات النازحة من ريف درعا الشرقي إلى منازلها، وذلك بعيد التوصل إلى اتفاق، بين بعض فصائل المعارضة من جهة، والمحتل الروسي ممثلاً للنظام من جهة أخرى، أفضى إلى وقف القتال في بعض مناطق المحافظة، التي كانت قد شهدت معارك عنيفة على مدار أكثر من أسبوعين.

وأشار ناشطون من ريف درعا الشرقي، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن آلاف النازحين بدأوا بالعودة إلى قراهم في ريف درعا الشرقي، اعتباراً من مساء يوم الجمعة الماضي، مستغلين حالة الهدوء التي سادت مناطق ريف درعا.

وقال الناشط محمد الحوراني، إن مئات السيارات الخاصة وسيارات النقل، شوهدت تعود إلى بعض القرى في ريف درعا الشرقي، بعد رحلة نزوح استمرت عدة أيام، تسببت بها الحملة العسكرية الشرسة، التي شنتها قوات نظام الأسد، مدعومة بالطيران الحربي الروسي، والميليشيات الطائفية، على مناطق عديدة في درعا.

ولفت الحوراني إلى أن الحملة العسكرية، التي بدأتها قوات النظام منذ التاسع عشر من شهر حزيران الماضي، واستخدمت فيها أعتى أنواع الأسلحة وأشدها فتكاً، أسفرت عن تدمير عدد من القرى، وعن مقتل وجرح المئات من المواطنين العزل، إضافة إلى نزوح أكثر من 350 ألف مواطن نحو الحدود السورية –الأردنية، والحدود مع الكيان الصهيوني، طلباً للأمان.

ولفت إلى أن الأكثرية من العائلات النازحة، عادت إلى منازلها، حيث أشارت إحصائيات غير رسمية، إلى أن عدد العائدين تجاوز 200 ألف نسمة.

من جهتها أكدت مصادر أردنية اليوم، أن من تبقى على الحدود الأردنية- السورية من النازحين لا يتجاوز بضعة آلاف.

وكان مراسل "اقتصاد"، قد تواصل قبل عدة أيام، مع نشطاء ونازحين، وذلك للوقوف على أوضاعهم الإنسانية، حيث أفادوا أن الأوضاع الإنسانية كانت في أسوأ أحوالها، لافتين إلى أن النازحين عاشوا ظروفاً شديدة الصعوبة، في ظل نقص حاد بمياه الشرب، والخيام، والخدمات الطبية، التي وقف الكل عاجزا ًعن تقديمها.

وقالت أم عبد الرحمن، وهي سيدة خمسينية نازحة من الحارة، تعمل معلمة وتقيم في الرفيد، "لا يوجد هنا أي شيء، ما زال الناس يعيشون في العراء، وتحت الأشجار التي لم تعد تستوعب هذا الكم من البشر".

وأضافت أن عدد الناس كبير جداً، والمساعدات التي قدمتها بعض الجهات المتبرعة لم تكف الجميع، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى مساعدة هؤلاء الناس، الفارين من هول قصف النظام والروس.

فيما أشار ناصر المحمود، 35 عاماً، وهو نازح من مدينة "الحراك"، إلى أنه وأسرته فر إلى الشريط الحدودي مع الكيان الصهيوني، منذ تعرض مدينة الحراك للقصف، لافتاً إلى أنه مع بعض الأسر، التي وصلت إلى القنيطرة مبكراً، حصلوا على خيام مشتركة يعيشون فيها معاً.

وأضاف أن الناس هناك، كانوا ينامون في الشوارع والحقول، وسعيد الحظ منهم من يملك سيارة أو مقطورة جرار زراعي يتخذ منها مأوى.

ولفت إلى أن بعض الناس قدموا، ومعهم خيمهم الخاصة، التي نصبوها على عجل، وهي واسعة وجاهزة لاستيعاب أكثر من أسرة، فيما نصب آخرون بعض الدعائم الحديدية والأخشاب، وسقفوها بالبطانيات والحصر، لاتقاء حرارة الشمس الحارقة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تمكن تجار من بعض القرى والبلدات في ريف درعا الشمالي الغربي، من نقل بعض محتويات مستودعاتهم ومحالهم التجارية إلى مناطق النزوح.

ولفت علي قاسم، 48 عاماً، إلى أن شوارع "الرفيد" و"المعلقة" وبعض القرى التي نزح إليها الأهالي في القنيطرة، تحولت إلى أسواق وبسطات، يتم فيها بيع المواد الغذائية والسمانة التي نقلها أصحاب الفعاليات الاقتصادية من النازحين.

وأشار إلى أن جميع المواد التي تحتاجها الأسر، متوفرة على هذه البسطات وفي السيارات، وأسعارها مقاربة لأسعار المواد في المناطق شبه المستقرة.

وعلى الحدود السورية –الأردنية، التي عادت معظم العائلات النازحة منها، لم تكن حياة النازحين هناك أفضل حالاً، فالنازحون عاشوا أسوأ الظروف.

فعلى الرغم من المساعدات التي قدمها الشعب الأردني للنازحين، بقيت الأوضاع هناك سيئة، فاقمتها وزادتها سوءاً، الظروف المناخية وارتفاع درجات الحرارة، التي وصلت إلى 43 درجة مئوية، فضلاً عن النقص الكبير بالخدمات الأساسية.

ولفت نازحون هناك إلى أن الكثير من الأطفال وكبار السن، عانوا من حالات إعياء شديدة، بسبب الغبار، وارتفاع درجات الحرارة ولسع الحشرات.

ووصف عبد الله العلي، الهارب من درعا البلد إلى الحدود الأردنية، الوضع على الشريط الحدودي في المنطقة الحرة السورية الأردنية بـ "المزري والمذل"، لافتاً إلى أن الآلاف من البشر تكدسوا هناك، افترشوا الأرض والتحفوا السماء، في أجواء شبه صحراوية، تكثر فيها العقارب والأفاعي الأمر الذي تسبب بإصابة العشرات بالأمراض المختلفة، توفي منهم نحو 15 شخصاً.

فيما أكد أبو عاصم، 55عاماً، وهو نازح من بلدة "السهوة" أنه لن يبقى على الحدود لفترة أطول.

وقال: "أنتظر ريثما تنتهي المفاوضات بين الثوار والنظام، وسأعود إلى داري مهما كانت النتائج، حتى ولو قتلت، الموت أشرف من كل هذا الذل".

يشار إلى أن عودة الأسر النازحة إلى قراها ليست مسموحة في هذه المرحلة لجميع الأسر، بل انحصرت ببعض الأسر التي تنحدر من الريف الشرقي، التي شملتها المفاوضات، أما باقي الأسر من المناطق الأخرى فإنها ستعود فور إنجاز اتفاقيات مماثلة.

إلى ذلك بدأت عشرات العائلات، التي تنحدر من منطقة حوض اليرموك، بالنزوح من مناطقها إلى مناطق آمنة، على خلفية إشاعات تدور في المنطقة، حول نية النظام وحلفائه باجتياحها.

ترك تعليق

التعليق