اقتصاديات.. وزير النقل يهدد مدراءه بالاعتقال والسجن!


منذ كان عمره 31 عاماً، بدأ وزير النقل الحالي في حكومة النظام، علي حمود، رحلته مع المناصب. أي بعيد تخرجه من كلية الهندسة في جامعة دمشق في العام 1987، وأدائه لخدمة العلم. إذ لم يطل به المقام طويلاً كموظف عادي في الدولة، بل تسلم في العام 1995، أول مناصبه في مسقط رأسه في طرطوس، عندما تولى إدارة فرع الشركة العامة للطرق.

وعلي حمود، الذي هو من مواليد العام 1964، رباه النظام، كما يقولون في العامية، "كل شبر بندر"، وذلك من أجل هذه اللحظة التاريخية التي سيتولى بها وزارة النقل. وللعلم فإن هذه الوزارة ومنذ الثمانينات، أيام حافظ الأسد، وبعد محرم طيارة الذي تولاها حتى العام 1981، لم يكن يتولاها إلا أحد أبناء الطائفة، والاستثناء الوحيد كان مكرم عبيد، الذي سلمه بشار الأسد الوزارة منذ العام 2000 وحتى العام 2006، بعد فضيحة وزير النقل الأسبق مفيد عبد الكريم، الذي سرق مئات ملايين الدولار، ثم تراجع بشار إلى عادة أبيه، بإعادة توليتها من جديد لأحد أبناء الطائفة.

والملاحظة الثانية أن وزير النقل كان الأقل تعرضاً للانتقاد عبر وسائل إعلام النظام، باستثناء مكرم عبيد، الذي تسلطت عليه كل الأقلام إلى أن تم إخراجه من الوزارة، وكانوا على وشك إلصاق تهمة فساد به من العيار الثقيل، لولا لطف الله.

وعلى سبيل المثال، وزير النقل يعرب بدر، الذي تولى بعد مكرم عبيد مباشرة وحتى العام 2011، كان فاشلاً بكل المقاييس، وكذاباً في جميع تصريحاته، ومع ذلك لم يكن مسموحاً انتقاده والهجوم عليه عبر وسائل الإعلام.

والسبب كما يراه مراقبون، أن هذه الوزارة تبيض ذهباً، فهي تستولي لوحدها على أضخم قطاع حكومي وهو النقل وتوابعه، من نقل بري بكافة أشكاله إلى جوي وبحري، بالإضافة إلى الطرق والجسور والمطارات، ورسوم السيارات، وغيرها من الإيرادات التي تضعها على قائمة الوزارات الحكومية ثراء وميزانية.

والمتتبع للمشاريع الحكومية التي تنفذها هذه الوزارة، سوف يجد أنها كانت تذهب بنسبة أكثر من 90 بالمئة إلى المتعهدين الذين كان يفرزهم النظام، من أبناء الطائفة تحديداً، إذ أنه قلما كان أحد من خارج الدائرة يجرؤ على الدخول في هذه المشاريع، وإذا حدث، فإنه يتم عرقلة أعماله وصولاً إلى دفعه للانسحاب من المشروع أو مشاركة المتعهدين المتنفذين من أمثال الأخوين شاليش وتميم بدر وغيرهم.

وبالعودة إلى عنوان الخبر الرئيس، فقد نقلت وسائل إعلام النظام، عن الوزير علي حمود، تهديده لمدراء النقل في المحافظات، بالسجن وبإيقاع أقصى العقوبات بحقهم، إذا ثبت تورط أحدهم بالفساد، وذلك خلال اجتماعه بهم لاطلاعهم على إنجازاته بعد مرور عامين على توليه منصب الوزير.

وقالت تلك الوسائل، إن حمود بدا جاداً في تهديده وحازماً، لافتاً إلى أنه لا يريد لأحد أن يسيء إلى ما تحقق من إنجازات خلال العامين الماضيين.

وبمراجعة بسيطة لفحوى هذا التهديد، يدرك المتابع بأن النظام بدأ يتذوق ملامح الانتصار على الشعب السوري، وهو يريد أن يضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الجميع، تقوم على البطش، ولا تستثني أحداً في هذا المجال، تحت حجج مكافحة الفساد بالنسبة لحاضنته الحكومية، ومكافحة الإرهاب بالنسبة لباقي فئات الشعب السوري.

أما قادة هذه المرحلة فهم رجال أمن بامتياز، وإن لبسوا بزة الوزراء والمسؤولين المدنيين.. فهكذا تهديد بالسجن والاعتقال، لا يجوز أن يصدر عن وزير بحق مدرائه، إلا إذا كان يعي بقرارة نفسه أنه رجل أمن.

ترك تعليق

التعليق