هل تستغل المكاتب العقارية المُهجّرين في إدلب؟


كثرت في الآونة الأخيرة، ظاهرة افتتاح المكاتب العقارية بشكل كبير في الشمال المحرر، وخصوصاً في مدينة إدلب، بسبب كثرة التهجير وطلب الناس للبيوت في ظل أزمة ارتفاع الإيجارات بشكل كبير ومجحف بحق المهجرين.

ويعاني المهجّرون في الشمال المحرر عامة ومدينة إدلب خاصة، من ارتفاع إيجارات البيوت بشكل غير معقول، والتحكم بهم تارة من المؤجر، وتارة أخرى من المكاتب العقارية التي تتحكم بأغلب البيوت في المدينة، حيث يتم التضييق على الكثير من المستأجرين بشروط صعبة وأجور مرتفعة.

"اقتصاد" أجرى جولة في مدينة إدلب على بعض المكاتب العقارية وعلى بعض المهجّرين للتعرف على أوضاعهم بخصوص الإيجارات وأسباب ارتفاعها، وكثرة المكاتب العقارية وقلة عملهم، والتحكم في بعض المستأجرين المُهجّرين من مدنهم وقراهم.

التقينا مع صاحب مكتب عقاري وسط مدينة إدلب، ورفض الكشف عن اسمه الصريح، لنسأله عن سبب تحكم بعض المكاتب العقارية في إيجارات البيوت، ودورهم في ارتفاعها، وكثرة المكاتب في الآونة الأخيرة.

أجابنا صاحب المكتب العقاري: "لا يوجد تحكم من قبل المكاتب العقارية، وإنما التعرفة التي نأخذها من المستأجر هي نصف إيجار شهر على حسب قيمة الإيجار الشهري. ويوجد بعض ضعاف النفوس تأخذ إيجار شهر كامل، لكن ليس الكل".

وأضاف قائلاً: "سبب كثرة المكاتب العقارية هو أن أغلب سكان مدينة إدلب تملك عقارات من بيوت وأراضي زيتون، فهم ينتظرون موسم الزيتون كل سنة، لكن باقي أيام السنة أغلبهم بلا عمل، وعندما بدأت الثورة وبدأ التهجير في الآونة الأخيرة أصبح أغلبهم يأخذ غرفة من منزله ويفتحها مكتب عقاري، ويُؤجّر منزله ويمارس مهنة تجارة العقارات، ويذهب للبرية ويعيش فيها لسد مصاريف المعيشة اليومية من إيجار منزله".

وتابع: "أنا أعمل في هذه المهنة منذ 20 عاماً تقريباً، وهذه المهنة تعتمد على الإنسانية والأخلاق في المرتبة الأولى، وهدفنا خدمة الناس وليس التسلق عليهم".

 وعقّب: "بعض المكاتب تريد فقط المال من الطرفين المؤجر والمستأجر، ولا يهمهم وضع المستأجر إن كان فقيراً أو غنياً".

 وختم حديثه قائلاً: "لكن، ليس الكل على هذه الشاكلة".

بدوره، التقى "اقتصاد" مُهجّراً من الغوطة الشرقية يُدعى "أبو خليل"، يستأجر بيتاً في مدينة إدلب، وسألناه عن سبب ارتفاع إيجار البيوت ودور المكاتب العقارية في ذلك، فقال: "عندما أتينا لمدينة إدلب مُهجّرين من بيوتنا لا نملك من المال إلا القليل، تاركين كل شيء في الغوطة، وخسرنا كل ما نملك.. عند وصلولنا لإدلب جلسنا في مخيم وعندما بدأت البحث عن منزل للإيجار في إدلب دخلت لإحدى المكاتب العقارية وسألته عن بيت للإيجار، قال لي صاحب المكتب من أين أنت فقلت له من الغوطة الشرقية وأتيت منذ يومين وأريد منزل للإيجار، فقال صاحب المكتب، يوجد منزل بمنطقة السوق ومفروش وقال إيجاره 35 ألف ليرة سورية، فقلت له أريد أن أراه، وعندما رأيت البيت تفاجأت ببيت قديم وفرش عتيق ومهترئ ولا يساوي القيمة المذكورة، لكنني كنت مجبراً على أخذه، وعندما ذهبنا للمكتب لكتابة العقد طلب مني صاحب المكتب دفع 3 أشهر مقدم و100 دولار أميركي تأمين للبيت و17500 ليرة سورية كمسيون المكتب، وتم الاتفاق، وأخذنا البيت، وبعد عدة أيام أتى صاحب البيت ليتعرف علينا وقلت له، (والله إيجار البيت كبير ونحنا نازحين ووضعنا تعبان ممكن تنزلنا من سعر الإيجار ولك الأجر والثواب)، فقال صاحب المنزل، أنا لا أريد إيجار البيت 35 ألف ليرة لكن صاحب المكتب أقنعني بأن أرفع الإيجار بسبب كثرة الطلبات على البيوت".
 
وحسب "أبو خليل"، خفّض صاحب البيت الإيجار من 35 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة رأفةً بوضعهم.
 
هذا وأكد "أبو خليل" أن المكاتب العقارية هي من تتلاعب بأيجارات البيوت وترفع التكلفة على المستأجرين وتتحكم بمدة العقد بسبب أسعار الصرف، "فهم يحسبونها جيداً، إذا ارتفع سعر الدولار تزيد إيجارات البيوت ولهذا يجعلونا مدة العقد 3 أشهر أول مرة"، كما أخبرنا "أبو خليل".

وفي ختام الحديث مع "أبو خليل" قال لنا: "شعب إدلب شعب طيب ويوجد بينهم بعض المسيئين والاستغلالين للمهجّرين، وأتمنى أن أعود لبيتي ومدينتي وأُعطي من أملاكي لكل محتاج أو فقير بعد هذه التجربة المريرة".

ترك تعليق

التعليق