اقتصاديات.. "أكد"، التي تسببت بشتم عضو قيادة قطرية


في التسعينيات من القرن الماضي، تم توجيه جميع وسائل الإعلام في سوريا، بأنه من الآن وصاعداً، لا يجوز استخدام كلمات من قبيل، "أكد ونوه وشدد.."، إلا على لسان حافظ الأسد، إذ أنه الوحيد في هذا البلد الذي يؤكد ويشدد وينوه، أما ما عداه من المسؤولين، فيجب البحث عن عبارات أخرى، مثل: "قال وأضاف وتابع وأوضح ... الخ"، وكل من يخالف هذه التعليمات ، سوف يتعرض للمسؤولية والمحاسبة لدى أجهزة المخابرات.

وبالفعل التزمت جميع وسائل الإعلام بهذه التعليمات، باستثناء صحف المنظمات الشعبية، التي على ما يبدو، لم يصلها هذا التعميم، وظل رؤساء اتحاد شبيبة الثورة، واتحاد الفلاحين واتحاد العمال، يؤكدون وينوهون ويشددون، في الأخبار التي تتناولهم على صحفهم التابعة لهم.
 
وفي أحد المرات، انتبه القصر الجمهوري إلى جريدة المسيرة، التي كان يصدرها اتحاد شبيبة الثورة، وكان المانشيت الرئيسي فيها يقول: "الرفيق سعيد حمادة يؤكد على كذا".. فأدخلوها إلى حافظ الأسد، مع وضع دائرة حول العنوان وتعليق يشير إلى أن عضو القيادة القطرية ورئيس اتحاد شبيبة الثورة، سعيد حمادة، تجاوز حدوده، والشباب بدأوا ينظرون إليه على أنه هو قائدهم ورئيسهم..

فما كان من حافظ الأسد، إلا أن استشاط غضباً، ثم طلب من موظف صغير في القصر، أن يتصل به، ويوسعه شتماً ولعناً.. وهو ما حدث، فقام سعيد حمادة على الفور باستدعاء "مها بدر" التي كانت رئيسة مكتب الإعلام في الاتحاد، و"جورج قيصر"، رئيس تحرير الجريدة، وبدأ بالصراخ عليهم: "ولك بدكن تخربو بيتي.. ولك شرشحتوني.. ولك أنا ناقص مشاكل.. ولك أنا ولا شي بالنسبة للسيد الرئيس".
 
لم يكن جورج قيصر ومها بدر، يعلمان سر غضب سعيد حمادة، وبينما هو يزبد ويرعد، وصلت الجريدة من القصر الجمهوري، وعليها الملاحظات حول كلمة أكد في العنوان وفي متن الخبر.. فقال لهما: "انظرا إلى هذه المصيبة"..
 
أمسكا الجريدة وكل ظنهما أن هناك خطأ كبيراً في الخبر، لكنهما لم يعثرا على شيء.. فاستفهما منه عن المشكلة..؟، فقال لهما: "أكد.. لا يجوز أن أؤكد أنا.. الوحيد في هذا البلد الذي يؤكد هو حافظ الأسد.. وعندها فهما الموضوع.. فعادا إلى الجريدة وطلبا اجتماعاً عاجلاً بالمحررين، لينهالا عليهم بالشتم والتوبيخ".

ترك تعليق

التعليق