نازحو ريف اللاذقية.. دفء الخشب "في ذمة الله"


الشتاء يقرع الأبواب في ريف اللاذقية، والحطب أصبح عملة نادرة، والحصول على الوقود السائل حلم الفقير، بينما الخيم المهترئة تنتظر الرياح العاتية، والأطفال حفاة أشبه بالعراة، والمنظمات الإنسانية غائبة، والعمل المنتج غير موجود.

إبادة الثروة الخشبية

دق ناقوس الخطر في مخيمات ريف اللاذقية مع وصول الشتاء المتسارع، وانخفاض درجات الحرارة ليلاً، منذرة بأيام باردة تحتاج إلى الكثير من الدفء.

والدفء يحتاج إلى الوقود، والوقود غير موجود، فأخشاب الساحل تمت المتاجرة بها وترحيلها من الساحل إلى الداخل، وصولاً إلى الرقة ودير الزور.

تعاون طرفان على ارتكاب جريمة إبادة الثروة الخشبية في المنطقة، من أشجار الصنوبر والسنديان والغار والقطلب.. إلخ. الطرف الأول، نظام الأسد، حيث تعمد إحراق كل الغابات بكافة أنواع الأسلحة الممكنة، فاستخدم بالإضافة إلى القصف المتواصل، المواد الحارقة من النابالم والفوسفور، كما استخدم العملاء الذ ين مازال بعضهم يسرحون ويمرحون في المنطقة.

وأدى احتراق الغابات المتكرر إلى القضاء على البزور، وتدمير التربة، بعد حرق طبقة التورب الغنية بالغذاء، وهي تنجم عن تخمر التربة وتكاثر الفطور والعفن الذي يساعد على تحويلها إلى أسمدة طبيعية عضوية.

وبالتالي تم حرمان الطبيعة من مقدرتها على تجديد نفسها، كما كانت تفعل منذ فجر التاريخ، وأصبحت بحاجة إلى تدخل الإنسان لتشجيرها، والعناية بها وهو أمر غير ممكن في الوقت الحالي.

الطرف الثاني، هم تجار الحطب من التجار والفصائل الدخيلة على المنطقة، والتي لا تنتمي لها، ولا يهمهم مصير السكان المحليين، ولا يهتمون إلا بتأمين أنفسهم بكل ما يحتاجون، متجاهلين حاجة الناس ومصدر عيشهم الأساسي في هذه الأوقات.

هؤلاء مارسوا أبشع أنواع التصرفات الضارة بالطبيعة، بقصد أو بدون قصد. قطعوا ما تبقى من الغابة، وعملوا على تأمين الأخشاب لزملائهم في بقية المحافظات، وحرموا الأهالي من مصدر دفئهم في الشتاء وطبخهم ونظافتهم في معظم الأوقات.

المازوت حلمٌ.. والخيم مهترئة

وللمازوت قصة أخرى فالحصول عليه من أجل التدفئة رفاهية مطلقة، بين نازحين ليس لديهم مورد للعيش، ولا يوجد منظمات وجهات إنسانية تقدم لهم ما يحتاجون إليه من وقود.
أ
غلب سكان المخيمات في ريف اللاذقية، ليس لديهم مورد، وعدد كبير منهم من أسر الشهداء والأرامل والأيتام، ويعتمدون بشكل كامل على المساعدات التي تقدم لهم، رغم ندرتها.

وللخيم حكاية مستمرة منذ ثلاث سنوات، أغلبها لم يتم تغييره أو تجديده، وأصبح بين مشقق أو مستهلك، يتعاون القاطنون فيما بينهم على تأهيلها، ويستخدمون ما يتيسر لهم من ملابس قديمة لترميم ما تلف منها، وينتظرون أن يتم تقديم خيم جديدة لهم مع قدوم الشتاء.

"أبو أحمد" الذي يسكن مع عائلته خيمة فيها العديد من الشقوق المرقعة، عبّر عن خوفه من البرد القادم خلال الشتاء، وعدم استجابة المنظمات لتأمين وسائل التدفئة من مدافئ ومازوت أو فحم.
 
وقال لموقع "اقتصاد": "كانت معاناتنا في العام الماضي كبيرة، ونال منا البرد، وتعرضنا للعديد من الأمراض. قدمت لنا جهات خيرية كميات لم تكن كافية من فحم التدفئة الذي يستخدم في تركيا، وننتظر في هذا العام الحصول على كميات أكبر تفي بحاجتنا، وتغنينا عن وقود التدفئة بنفس الوقت. ونتمنى أن يتم تقديم ألبسة شتوية للكبار والأطفال تحمي من البرد".

كما وجه نداء إلى المنظمات الإنسانية للمسارعة بتقديم خدماتها قبل موسم الأمطار والثلوج، والعمل على تأمين موارد للعيش عبر مشاريع إنتاجية، لتشغيل النازحين، بما يمكنهم الاعتماد على أنفسهم والاستغناء عن المساعدات.

ترك تعليق

التعليق