"بازار الأحد" في "العثمانية".. ملاذ السوريين


لاقت البازارات التركية إقبالاً واستحساناً لدى اللاجئين السوريين عبر أجوائها التي تُذكّرهم بالأسواق الشعبية في بلادهم لاسيما أسواق الاحتياجات الشخصية والمُستلزمات المنزلية الجديدة والمُستعملة ذات الجودة القليلة والسعر الرخيص كأسواق الجمعة التي كانت مُنتشرة في كافة المُدن السورية الرئيسية والفرعية.
 
في "مدينة االعثمانية جنوبي تركيا" يُعتبر "بازار الأحد" أحد الأسواق الشعبية التي يرتادها السوريون كُلّ يوم أحد بكثافة نظراً لأسعار البيع الرخيصة مُقارنةً ببقية الأسواق وتنوّع المُنتجات والبضاعة التي تُعرض فيها، شاملةً الخضروات والفواكه والمُستلزمات المنزلية والكهربائيات والألبسة.
 
"أم محمد" سيدة في الأربعين من عمرها فقدت زوجها خلال الحرب في سوريا تاركاً لها أربعة أطفال صغار تعيش في مدينة العثمانية منذ أربعة أعوام قالت لـ "اقتصاد" إنّها تُفضّل اقتناء احتياجاتها من "بازار الأحد" توفيراً لنصف ما قد تدفعه من مال في أسواق أخرى.

وأضافت "أم محمد" أنّ "بازار الأحد" يتميّز بتنوّع بضائعه حيث يشمل "الالكترونيات والكهربائيات والملابس والخضراوات ومواد البناء وعدد صناعية".


الأسعار الرخيصة مُقارنةً بأسواق أخرى دفعت الّلاجئ السوري رضوان الأحمد لارتياد "بازار الأحد" وهو يعيش في مدينة العثمانية منذ عام بحسب ما قاله لـ "اقتصاد".

وأضاف رضوان أنّه خلال مدّة وجوده الوجيزة في المدينة غيّر مكان إقامته ثلاث مرّات، وفي كُل مرّة يستأجر فيها منزلاً جديداً يحتاج لصيانة عامّة في صنابير المياه والأبواب والنوافذ وأحياناً شبكة الصرف الصحّي الداخلية والطلاء الأمر الذي أجبره على البحث عن نقاط بيع بأسعار زهيدة حتى لا يتكبد تكاليف عالية أثناء إصلاح أعطال منزله.

قوّة المنافسة بين الباعة في "بازار الأحد" أغرت رضوان لارتياده بشكل دائم حيث من المُمكن أن يقتني الغرض الذي يحتاج إليه بأقّل من سعره في أسواق أخرى بنسبة قد تصل لـ 60%.

بشكلٍ عام تختلف تكاليف المعيشة في تركيا بين مدينةٍ وأخرى وتُعدّ المُدن الجنوبية الحدودية الأقل تكلفةً، ويعيش فيها من اللاجئين السوريين حوالي مليون و300 ألف لاجئ.


وتتنوع مصادر التسوّق في المُدن التركية حيث تنتشر فيها المولات الضخمة التي تحوي كُل الاحتياجات المعيشة والمُستلزمات المنزلية لكنّ بأسعار مُرتفعة كما يراها اللاجئون السوريون. كما تتواجد صالات الـ "BIM" وهي مولات متوسطة بإشراف مُباشر من الحكومة التركية وتنخفض أسعارها بفارق كبير عن المولات الخاصّة. وتبقى البازارات الملاذ الأفضل للاجئين كون أسعارها مُنخفضة عن صالات الـ "BIM" بشكل ملحوظ أيضاً كما أنّها تخضع لرقابة دوريات البلديات من حيث ضبط الأسعار والنظافة وتنظيم مواقع نقاط البيع مُسبقاً. ويُشكّل البائعون السوريون في "بازار الأحد" بمدينة العثمانية نسبة لا تقل عن 25% من البائعين.

اللاجئة "أم رهام" تعمل 10 ساعات يومياً في مستودع لمواد بلاستيكية، تحصل شهرياً على راتب 1300 ليرة تركية لقاء 26 يوم عمل، تصرف منها 400 ليرة أجار منزل و25 ليرة للهاتف المحمول و50 ليرة فاتورة مياه و35 ليرة فاتورة انترنت و75 ليرة فاتورة كهرباء ويتبقى لها نصف الأجر الشهري مصروف المنزل أي 20 ليرة تركية يومياً فقط لا غير، بحسب ما قالت لـ "اقتصاد".

وأضافت "أم رهام" أنّ الميزانية الثابتة أجبرتها لوضع خطّة اقتصادية تتقيّد بها دون تجاوز، أهم بنودها ارتياد "بازار الأحد" لتأمين مُستلزمات المنزل بشكل أسبوعي.

وتابعت "أم رهام" أنّ فارق السعر بين "بازار الأحد" وأسواق أخرى يتجاوز النصف وأحياناً أكثر فمثلاً سعر قطعة لباس لطفل صغير في البازار 5 ليرات بينما يتجاوز سعره في أسواق أخرى 18 ليرة تركية.

وبحسب أرقام الأمم المُتحّدة فإنّ عدد اللاجئين السوريين في تركيا تجاوز ثلاثة ملايين لاجئ وهم يُشكّلون نحو ثلث إجمالي اللاجئين في العالم، إلّا أنّ إدارة الهجرة التركية تُقدّر عدد اللاجئين السوريين في تركيا بثلاثة ملايين ونصف المليون، يعيش منهم حوالي 216 ألف في مراكز الإيواء المُؤقّتة، فيما وبحسب إعلان المديرية العامّة لشؤون المواطنة والجنسية التركية فقد مُنحت الجنسية التركية لحوالي 55 ألف لاجئ سوري ثلثهم لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً.

وبالرغم من حالة الفقر التي يُعانيها اللاجئون السوريون في تركيا خاصّة ممن تكبدوا تكاليف كبيرة أثناء رحلة الوصول إليها عبر طرقٍ غير شرعية في الآونة الأخيرة، إلّا أنّ هناك سوريون آخرون تركوا بصمتهم الإيجابية في الاقتصاد التركي عبر إنشاء شركات تصدّرت قائمة الشركات المملوكة لمستثمرين أجانب وفّروا خلالها فرص عمل استفاد منها لاجئون سوريون ومواطنون أتراك.

ترك تعليق

التعليق