قصص للاجئين سوريين في مصر.. مع إعادة التوطين


بالتعريف، إعادة التوطين هي إحدى الحلول الدائمة التي توفرها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين, للمسجلين لديها والحاصلين على اعترافها باللجوء, حيث يتم نقل اللاجئ من البلد الثاني الذي يعيش فيه إلى بلد ثالث.

ودائماً ما يسمع أو يقرأ اللاجئون ومنهم السوريون عن معايير تحكم هذه العملية تلتزم بها المفوضية للأشخاص أو العائلات الذين تنطبق عليهم هذه المعايير بإحدى الحالات التالية: - سيدات تحت الخطر أو يعشن لوحدهن  - أطفال تحت الخطر – معتقل سابق في بلده – حالات طبية لا يتوفر لها علاج في مصر (البلد الثاني)- مشاكل أمنية متعلقة بالحماية- أشخاص (رجل أو امرأة) قد دخل بمشاكل بسبب تغيير دينه أو بسبب كونه مغاير جنسياً.

"اقتصاد" تابع بعض الحالات للاجئين سوريين في مصر تحدثوا عن تجاربهم مع مفوضية اللاجئين في موضوع إعادة التوطين، وذلك للوقوف على أبرز مشكلاتهم، ومعاناتهم في هذا الجانب.

بعد سنتين من الانتظار والمقابلات.. تم رفض ملفنا

يحدثنا "أبو بسام"، وهو سوري مسجل لدى مفوضية اللاجئين في مصر، عن قصته التي بدأت عام 2015 حيث اتصلت به مفوضية اللاجئين مستفسرة عن رغبته بالسفر خارج مصر. ويقول: "سررت جداً بالاتصال وفتحت لي أبواب من الأمل، وبخاصة أن لدي طفل بعمر 7 سنوات لديه شلل منذ الولادة ويحتاج أدوية بشكل دائم وعناية خاصة، وكنت قد أودعت كل التقارير الخاصة بوضعه الصحي لدى المفوضية وبالفعل بدأت سلسلة من المقابلات مع قسم إعادة التوطين وكل مقابلة كانت تستغرق ساعات أحضرها أنا وكل أفراد أسرتي وبين كل مقابلة وأخرى أكثر من 6 أشهر وفي كل مرة نعيش مرحلة من القلق والانتظار دون أن يكون لدينا أية وسيلة لمعرفة متى السفر أو أين وصل الملف، على الرغم من اتصالاتنا المتكررة بالمفوضية وكل مرة يكون الجواب عندما يكون لدينا تفاصيل جديدة نتصل بكم.. وبعد سنة تم ابلاغنا بتحويل ملفنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعلينا انتظار موعد مقابلتنا بمنظمة الهجرة الدولية بالقاهرة".

ويكمل محدثنا: "أجرينا مقابلة لدى منظمة الهجرة وخلال هذه الفترة تدهور الوضع الصحي لطفلي كثيراً وأبلغت المفوضية بذلك ومنظمة الهجرة للإسراع بإجراءات السفر لحاجة طفلي لعملية عاجلة وكان الرد عليك الانتظار حتى نتصل بك، بعدها بشهرين توفي ابني رحمه الله وأبلغت المفوضية بذلك، منتظراً اتصالهم بي لإكمال إجراءات إعادة التوطين بعد أن بقينا سنتين ننتظر السفر وكلنا أمل ببداية حياة جديدة بعد أن فقدنا كل ما نملك في سوريا. ولكن للأسف بعد أن تكررت اتصالاتي أبلغني الموظف أن ملفي تم رفضه والسبب أن ملفي كان مرشحاً للتوطين بسبب الحالة الصحية لابني وبعد أن توفي لم تعد تنطبق على ملفي المعايير الخاصة بالمفوضية. سنتين من الانتظار والمقابلات وبعدها تم رفض الملف وتوفي ابني الذي لو كانت إجراءاتهم أسرع لربما كان نال فرصة بالعلاج والحياة ولكن بطء الإجراءات وعدم مراعاة الحالة الصحية لصاحب الملف جعلتني أفقد ابني وبعدها أفقد فرصة إعادة التوطين مما جعلني أعيش حالة إحباط كبيرة ويأس ما زلت حتى الآن أعيش بها".

منشق عن جيش النظام يروي قصته

السيد "منذر"، ضابط منشق عن جيش النظام يعيش في مصر منذ عام 2012 مع عائلته ومنذ وصوله سجل لدى مفوضية اللاجئين وأمام معاناته الكبيرة بالحصول على أية أوراق من السفارة السورية بسبب وضعه الخاص من تجديد جواز سفره الى أية معاملات أخرى، إلى جانب خوفه على حياته من انتقام النظام، يروي لنا قصته ليقول: "بعد محاولات عديدة مع المفوضية امتدت سنوات أشرح فيها خطورة وضعي وحاجتي للسفر مع عائلتي لبلد آخر أشعر فيه بالأمان أبدأ فيه حياة جديدة، وفعلاً بمساعدة إحدى المنظمات الدولية الشريكة للمفوضية تم ترشيح ملفي للسفر وأجريت وعائلتي مقابلة بقسم إعادة التوطين وبقيت أنتظر الاتصال الثاني منهم ولكن هذا لم يتم. وبعد عدة اتصالات بالمفوضية دون جواب قمت بمراجعة المنظمة التي ساهمت بترشيح ملفي، وشرحت لهم آخر ما وصلت إليه وفعلاً قامت تلك المنظمة بالتواصل مع المفوضية وأبلغوني بعدها بأيام أن المفوضية رفضت ملفي. وحسب قولهم فإن المعايير الموضوعة من قبلهم لا تنطبق علي".

ويستكمل منذر حديثه "إذا كان من في وضعي وحالتي من خطورة كبيرة واعتبروا أن ملفي لا تنطبق عليه المعايير فمن تنطبق عليه المعايير إذاً".

ترشيح عشوائي أم مزاجي؟
 
"قاسم" فنان سوري مقيم بمحافظة دمياط، ويعاني من إصابة واضحة بقدمه نتيجة إصابته بشظايا قذيفة ويحتاج لعملية عاجلة لقدمه يشرح لنا معاناته: "وضعي الصحي صعب للغاية وقدمت كافة التقارير للمفوضية وحاجتي لعملية مستعجلة وأدوية شهرياً بمبالغ مالية كبيرة دون أي تحرك منهم وكل مرة يكون الجواب أنه لا يحق لي طلب إعادة التوطين، وأن المفوضية من تختار وللآن أنتظر وأستغرب عن أية معايير يتحدثون وكل يوم أرى عائلة سورية يتم الاتصال بهم ويسافرون وبعضهم من أصحاب الأموال الطائلة لديهم مطاعم ومحلات تجارية وآخرون يسافرون إلى سوريا ويعودون كل فترة ولا يوجد أية مشاكل لديهم ولا مخاطر مادية أو أمنية. عن أية معايير يتحدثون بالمفوضية لا أعلم؟".

حاولنا عبر استعراض هذه القصص الثلاث عرض جانب من قصص كثيرة للاجئين سوريين يتساءلون عن معايير الاختيار من قبل مفوضية اللاجئين وينشرون قصصهم وشكواهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في ظل غياب أية ردود من مفوضية اللاجئين بمصر أو تقارير منهم عن أرقام محددة لمن يتم توطينهم كل عام من اللاجئين والدول التي تستقبلهم ودون إيضاح لمعايير ترشيح الملفات أو اعتماد آلية تتيح لهؤلاء اللاجئين متابعة ملفاتهم المرشحة للسفر أو الاعتراض على قرار الرفض واستئنافه، أو حتى عدم وجود منظمة شريكة للمفوضية يمكن اللجوء إليها في هذه الحالات.

ترك تعليق

التعليق