سوريون ضحايا لحرب الميليشيات في طرابلس الليبية


بعد مقتل 118 شخصاً، بينهم ابن مدينة حمص السورية "أحمد محمد طيب السيد"، وجرح ما يزيد عن 500 شخص، إضافة إلى نزوح 400 عائلة، منهم عائلات سورية، وفقدان 18 شخصاً، وفق إدارة شؤون الجرحى في وزارة الصحة الليبية، أعلنت الميليشيات المتناحرة جنوب العاصمة الليبية طرابلس، توقيعها لاتفاق يقضي بحل جميع الخلافات بينها في الخامس والعشرين من أيلول /سبتبمر الماضي.

الحرب التي بدأها "اللواء السابع" القادم من ترهونة، والتي استمرت لأسبوع ونصف وانتهت بهدنة بعد أن استجيبت مطالبه، استمرت بعد أن حملت ميليشيات أخرى لواء الحرب، لتندلع الاشتباكات بوتيرة أكثر فتكاً بالأرواح وبين الأحياء السكنية.

"محمد" وهو أحد أبناء حي القابون والذي سافر إلى ليبيا أواخر عام 2014، اضطر للنزوح من منزله القريب من سوق الجمعة، وهو إحدى الأحياء السكنية التي تعرضت للقصف في طرابلس.

يروي "محمد" في تصريح خاص لـ "اقتصاد" تفاصيل اندلاع الحرب مجدداً في ليبيا حيث قال: "أتى اللواء السابع من منطقة ترهونة معلناً عن نفسه أنه جيش يريد تطهير ليبيا من الميليشيات المسلحة حيث اندلعت الاشتباكات بينهم وبين ميليشيا (عبد الغني الككلي) الملقب (غنيوة) واستمرت لأسبوع انتهت بهدنة عرضها اللواء السابع على خصمه".

تابع "محمد": "توقفت الاشتباكات مدة أسبوع تقريباً لتعود مجدداً بعد تحرك ميليشيا (صلاح بادي) ابن مدينة مصراتة باتجاه طرابلس لتطهيرها من الميليشيات أيضاً، على حد وصفه".

"الاشتباكات اندلعت بين (صلاح بادي) و (غنيوة) دون أي تدخل للواء السابع الذي التزم بالهدنة محافظاً على المناطق المسيطر عليها حيث تركزت الاشتباكات الأخيرة في مناطق (الخلة ومشروع الهضبة وصلاح الدين) إضافة إلى طريق مطار (معيتيقة). وتعرضت منطقة سوق الجمعة ومطار معيتيقة لقصف بصواريخ الغراد من قبل ميليشيات أخرى حاولت فتح جبهة جديدة مستغلة النزاع الدائر".
 
"محمد" أضاف أن الصواريخ التي استهدفت منطقة سوق الجمعة كانت سبباً كبيراً في نزوح العديد من العائلات ومنها عائلته. وجمع أحد جيرانه السوريين أغراضه مع عائلته، مغادرين المنزل نحو بلد أخرى، حيث قال الأب في تلك العائلة إنهم سينتقلون للعيش في السودان، في حين قالت الأم إنهم عائدون إلى سوريا حيث بات الوضع هناك "أفضل"، على حد وصفها.

"محمد" الذي انتقل للعيش في منطقة "السياحية" في حي الأندلس، أشار إلى أن صاحب المنزل الذي يقطنه أهله أجبرهم على الخروج منه بسبب تعرض منزله للقصف في منطقة الخلة، حيث انتقلوا إلى منطقة صلاح الدين التي كانت مركزاً للاشتباكات أيضاً، لكن  صعوبة إيجاد منزل هو ما أجبرهم على الانتقال إلى تلك المنطقة.

نزوح داخلي وخارجي للسوريين

الحرب التي اندلعت مؤخراً بين الميليشيات المسلحة في ليبيا لم تكن الأولى حيث تشهد المدن الليبية بين الحين والآخر اشتباكات بين تلك الأطراف.

"ياسر" والذي يعيش أهله في مدينة "مصراته" قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "تُعتبر مصراته من المدن الهادئة نسبة للمدن الليبية الأخرى حيث يندر اندلاع اشتباك فيها مما جعلها ملاذاً آمناً للسوريين والليبين الهاربين من جحيم الصراعات المسلحة".

"ياسر" أضاف: "نسبة النزوح إلى مصراته ارتفعت خلال الحرب الأخيرة حيث شهدت المدينة توافداً كبيراً لعائلات ليبية وسورية قادمة من جنوب العاصمة طرابلس".

أما النزوح الخارجي والذي تنوع بين الهجرة عبر البحر أو السفر براً إلى البلدان العربية، أضيف له اليوم خيار العودة إلى سوريا خصوصاً بعد استئناف الرحلات الجوية بين مطاري دمشق وبنغازي مؤخراً.

سعر التذكرة للشخص الواحد تبلغ 400 دولار إلا أنه عند الخروج تقوم السلطات الليبية بختم جواز السفر بمنع عودة للسوري.

وفي حال أراد السوري اليوم السفر إلى ليبيا من مطار دمشق فتبلغ تكلفة السفر إذا جمعنا سعر التذكرة للشخص الواحد وتكاليف الحصول على الموافقة الأمنية التي تطلبها السلطات الليبية حوالي 2000 دولار، كما أكد أحد المدنيين العائدين حديثاً من ليبيا باتجاه العاصمة دمشق.
 
"محمد أحمد طيب السيد"، ابن مدينة حمص، قضى نتيجة القصف الذي طال أنحاء متفرقة من جنوب العاصمة الليبية من قبل الميليشيات المتنازعة، في حين لا تغيب عن الأذهان صورة الطفل "شادي" وشقيقته "رهف" اللذين قضيا خنقاً بعد رفض السلطات الليبية فتح باب شاحنة كانوا يُنقلون فيها في محاولة للخروج من البلاد. ويضاف إلى تلك المشاهد صور المراكب التي تقل السوريين باتجاه البلدان الأوروبية وهي تغرق، مغرقة معها آمال السوريين في حياة بعيدة عن الحروب.
 
أما السؤال فيبقى: هل يوجد بعد من لم يُوغل في دماء السوريين؟!



ترك تعليق

التعليق