استطلاع لـ "اقتصاد" حول أسباب تقلص المعونة الغذائية الشهرية في الشمال المحرر


حتى فترة قريبة، كان جزء كبير من السوريين الذين يعيشون في المناطق المحررة من الشمال السوري، يعتمدون بشكل جزئي على المعونة الشهرية (السلة الغذائية)، التي تقدمها منظمات إغاثية، لتخفيف عبء المعيشة اليومية. لكن، مؤخراً، تراجع حجم الدعم الخارجي المقدم لتلك المنظمات، مما أدى إلى حرمان الكثير من الناس، من المعونة الشهرية.

وفي لقاء لـ "اقتصاد" مع أحد موظفي المنظمات الإغاثية المسؤولة عن توزيع السلة الغذائية الشهرية، والذي رفض الكشف عن اسمه في التقرير، يتحدث الموظف عن سبب حرمان فئات كثيرة من سكان الشمال المحرر، من المعونة الشهرية، موضحاً: "في بداية تحرير إدلب كان أغلب السكان يستلمون معونات من المنظمات العاملة على الأرض. لكن اليوم اختلف الوضع كلياً، فإدلب أصبحت تحتضن أكثر من 2 مليون شخص، وليس لدينا القدرة الكافية على تغطية احتياجات الجميع من سكان ونازحين من باقي المناطق السورية، لأن المنظمات الداعمة في الخارج بدأت بتقليل الكمية، وأصبحت بالكاد تساعد الناس الذين هم تحت خط الفقر، ولم يعد لدينا استطاعة لاستجلاب دعم أكبر، وأغلب الناس لا تعرف عن هذا الأمر، ويقولون (فلان أخذ لماذا لا آخذ أنا أيضاً)، ونحن كمنظمات نتعرض لضغط شديد جراء ذلك، لكن في الوقت نفسه، هناك كثير من سكان الشمال، بدأوا بالاعتماد على أنفسهم وتفهموا وضعنا كمنظمات بالداخل".

وكان لنا سؤال: هل يوجد حل يرضي الجميع؟، فأجاب الموظف في المنظمة الإغاثية: "بالوقت الحالي لا يوجد بسبب الظروف الراهنة والتضييق على إدلب، والشروط المفروضة من الجهات الخارجية الداعمة. لكن إذا تدخلت الأمم المتحدة وأقصد (برنامج الغذاء العالمي) ودخلت إدلب، فهي قادرة على سد احتياجات الجميع من السلة الشهرية".

وكان لنا لقاء أيضاً مع شخص يدعى "عبد الحميد" من سكان مدينة إدلب، وهو من الذين لم يستفيدوا من السلة الشهرية مؤخراً، وسألناه عن السبب، فقال: "عندما تحررت إدلب كانت المعونات كثيرة جداً لدرجة أنه كانت تأتي علينا أوقات لا نذهب فيها لاستلام المعونة. لكن اليوم غالبية سكان إدلب من أهلها ومهجريها لا يتاح لهم استلام المعونة، بسبب شح الدعم، وأنا لدي 5 أولاد واحد منهم يعمل والباقي صغير تحت سن البلوغ، ورغم ذلك حُرمت من المعونة الشهرية".

وسألناه، هل السلة الشهرية تسد كافة احتياجاتك؟، فأجاب: "بالتأكيد لا، لكن كما يقولون (بحصة بتسند جرة)، وأتمنى أن نعمل ويكون لنا مردود ولا نضطر للركض وراء المعونة الشهرية".

ولنعرف المزيد عن هذا الموضوع، التقينا "أبو محمد"، نازح من مدينة حلب، وهو مستفيد من السلة الشهرية، ويأخذ سلتين كل شهر، وأكد لنا أنه منذ بداية رأس السنة بدأ يستفيد من هذه السلة الشهرية بعد معاناة طويلة للحصول عليها، وأكد لنا أن أغلب مهجري حلب لا يستفيدون منها بشكل كامل. وأضاف "أبو محمد": "اليوم أعتقد أن من يأخذ المعونة الشهرية هم قلة قليلة ولا أعتقد أن المنظمات قادرة على إرضاء الجميع في هذه الأوقات الحرجة".

وفي نهاية الحديث ختم "أبو محمد": "لو كان الأمر بيدي لأعطيت جميع الناس السلل الغذائية، لكن نحن محاربون من جميع الدول ويعطوك كي لا تموت من الجوع وإن أعطوك لا يُغطون حاجاتك، لتبقى دائماً محتاج أنت وعائلتك وتكون تحت سلطتهم".

ترك تعليق

التعليق