النظام لا يلتزم بوعوده الخدمية لمناطق من ريف درعا


على الرغم من استتباب الأمن في جنوب سوريا، بعد قيام قوات النظام ببسط سيطرتها على كامل محافظتي درعا والقنيطرة، ورغم الوعود التي قُطعت من سلطات النظام، بأنه سيتم الإسراع بتقديم الخدمات الضرورية، وتحسين الواقع الخدمي، إلا أن واقع الحال يشي بأن كل الوعود التي قُطعت كانت خلبية، وذهبت أدراج الرياح.

وتشير مصادر من المناطق التي دخلت في تسويات ومصالحات مع النظام مؤخراً، إلى أن الواقع الخدمي ما زال على حاله، وأن مؤسسات النظام الخدمية مازالت تغط في نوم عميق.

ولفتت المصادر إلى أن الركام في العديد من المناطق، ما زال يملأ الشوارع، ويغلق الطرقات، في ظل عجز كبير من الأهالي عن فعل أي شيء تجاه ذلك.

وأكدت المصادر أن المواطنين بجهود فردية وبمعدات بسيطة قاموا بتنظيف بعض الركام حول منازلهم، ومن بعض الطرقات التي تخدمهم، لكنها تبقى أعمال خجولة، أمام الكم الهائل من الركام، الذي يحتاج إلى آلات ثقيلة لنقله إلى أماكن بعيدة، أو إعادة تدويره والاستفادة منه.

وأشار أهالي وشهود عيان، إلى أن الواقع الخدمي في المناطق المحررة في ريف درعا الغربي، يعد الأسوأ منذ انطلاق الثورة السورية، وذلك بسبب عدم وجود أي مؤسسات خدمية تتصدى لتقديم بعض الخدمات للمواطنين.

ولفت الأهالي إلى أن النظام بمجمل مؤسساته، لازال عاجزاً حتى اللحظة عن تقديم أي خدمات ضرورية للمناطق.

ويقول محمود السعد الله، 55 عاماً، وهو من أهالي سحم الجولان، إن الريف الغربي يفتقر إلى مجمل الخدمات الصحية والاسعافية.

وأضاف أن معظم المناطق والقرى بلا مراكز صحية، بعد توقف العمل في المشفى الميداني الوحيد في بلدة الشجرة، منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على المنطقة. كما أن الكثير من أطباء المنطقة، غادروها نتيجة الضغوط الكبيرة التي مارسها التنظيم عليهم، إلى مناطق أخرى في المحافظة، ولم يعودوا إلى مناطقهم حتى اللحظة.

وأضاف أن من تبقى من أطباء في مناطق ريف درعا الغربي، وعلى قلتهم، تم اعتقالهم على يد قوات النظام في حملتها الأخيرة على تنظيم "الدولة الإسلامية" في شهر آب الماضي، لافتاً إلى أن التنظيم إبان سيطرته على المنطقة، منع أي مساعدات طبية أو مراكز صحية تُموّل من مؤسسات النظام أو المنظمات الدولية، أو تقديم الخدمة الصحية للمواطنين، متهماً موظفيها ومراجعيها بالردة، التي تستوجب القصاص قتلاً.

وأشار إلى أن المراكز الطبية والمشافي في المنطقة، باتت مدمرة بصورة شبه كاملة، وتفتقر لأدنى المقومات الطبية والعلاجية.

وبيّن أن المواطن الذي يحتاج إلى علاج، يضطر أن يتنقل إلى المناطق الأوفر حظاً بالخدمات الطبية، والتي عاد النظام إلى تفعيل دوره فيها، كمدن نوى وطفس وجاسم والمزيريب، الأمر الذي زاد من حجم الأعباء المالية على المواطنين، نتيجة دفع أجور نقل عالية، لا سّيما في الحالات الاسعافية، التي تُنقل في ساعات متأخرة.

ويقول إحسان الحمد، 20 عاماً، وهو طالب، إن حادث سقوط عن دراجة نارية كلفه نحو 15 ألف ليرة سورية، بين أجور نقل وأجور علاج، لافتاً إلى أنه اضطر إلى استئجار سيارة لنقله من "البكار" إلى نوى مقابل 10 آلاف ليرة سورية، فيما كلفته أجور المعالجة والدواء 5 آلاف ليرة سورية.

وأضاف أنه بسبب نقص الكوادر الطبية المتخصصة تحول الممرضون والعاملون في الصيدليات، إلى أطباء يقدمون العلاج والدواء للمرضى، رغم عدم درايتهم الكافية بالتشخيص، ما تسبب بتفاقم الأوضاع الصحية لعدد من المرضى.

فيما أكد سهيل عبد القادر، 42عاماً، موظف سابق، أن خدمات الكهرباء لم يتحرك فيها ساكن، رغم الوعود المتكررة من سلطات النظام بوصولها قريباً، موضحاً أن الحجة الدائمة التي تسوقها مؤسسات النظام، أن إصلاح الشبكات يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة واستقدام محولات جديدة.

ولفت إلى أن المياه تصل إلى المناطق المحررة، مرة واحدة في الأسبوع، وأن المواطن يضطر إلى شراء احتياجاته من المياه من الصهاريج المتنقلة، حيث يصل سعر الخزان الواحد، سعة خمسة براميل إلى 1250 ليرة سورية.

وأشار نزار القاسم، 48 عاماً، من ريف درعا الغربي، وهو نجار، أن ما قدمه النظام حتى الآن لا يتعدى بعض السلل الإغاثية، وكميات من الطحين المخصص لبعض الأفران، لافتاً إلى أن كميات الطحين والخبز في المناطق المحررة غير كافية لسد احتياجات المواطنين من هاتين المادتين.

وأضاف أن الأهالي يلجأون إلى السوق لتأمين احتياجاتهم من مادة الخبز، موضحاً أن هناك فارق كبير بسعر ربطة الخبز، بين التي يتم الحصول عليها من الفرن مباشرة، وبين التي تباع على البسطات، يصل أحياناً إلى 200 ليرة سورية.

فيما أكد محمد خير، 23 عاماً، وهو طالب جامعي، أن خدمات الاتصالات متوقفة بشكل كامل، وأن شركات الاتصالات السورية لم تفعل أنشطتها في ريف درعا الغربي، مبيناً أن الأهالي مازالوا يعتمدون في تأمين خدمة الاتصالات على شركات الاتصالات في دول الجوار، وعلى ما تبقى من شبكات النت الفضائي، التي باتت مرهقة مادياً.

يشار إلى أن قوات النظام بسطت سيطرتها على محافظتي درعا والقنيطرة منذ شهر تموز الماضي، وذلك في إطار حملة عسكرية كبيرة نفذتها بدعم إيراني وروسي، تمكنت في ختامها من فرض تسويات بالقوة على بعض المناطق، بضمانات وتعهدات روسية، من ضمنها تقديم الخدمات الضرورية للمناطق وتحسين الواقع الخدمي، ولكن لم ينفذ من هذه التعهدات حتى الآن أي شيء يذكر.

ترك تعليق

التعليق