اقتصاديات.. "مساطيل" الأردن


تنتشر في الأردن بكثرة، نوعية من الأشخاص، الذين تظن وأنت تتحدث اليهم بأنهم "مساطيل"، أو أنهم يتعاطون نوعاً من الحشيش المضروب، لشدة ما يظهرون من بلاهة وسذاجة، قد لا يصدقها العقل.
 
وقد قدمت لنا الدراما الأردنية نماذج من هذه الشخصية في الكثير من الأعمال الكوميدية، والتي كان يعتقد الكثيرون بأنها شخصيات متخيلة، لا أساس لها على أرض الواقع، لكن في الحقيقة فإن الزائر للأردن سوف يلاحظها ببساطة، وفي كل مكان تقريباً، في الشارع وفي وسائل النقل وفي جميع الدوائر الحكومية تقريباً.. الخ، حتى أن الأردنيين أنفسهم يتبادلون الكثير من النكات عن هؤلاء "المساطيل" ويضحكون عليها بصوت مرتفع، ويطلقون عليهم اسم "السلطية" نسبة لمدينة السلط..

ولا مجال هنا للمقارنة مع ما نتبادله، نحن السوريون، من نكات عن الحماصنة، لأن الفارق كبير، إذ أن الشخصية الحمصية، بالإضافة الى أنها ظريفة وخفيفة الدم، فهي تتميز بالذكاء الحاد وسرعة البديهة، بعكس أولئك الذين لا يمكن أن تشك أبداً بأنهم "تنابل".

هؤلاء التنابل، لعبوا دوراً كبيراً في الإساءة للشخصية الأردنية الحقيقية، التي تتميز بالشهامة والكرم، كما لعب الإعلام دوراً أكبر في استخدام هذه الشخصية، وقت الضرورة، لتمرير الكثير من الرسائل الملتبسة والتي لا تعكس رأي وموقف الشارع الأردني الحقيقي.
 
من هنا نستطيع أن نقرأ المشهد الذي ظهر عليه الموطن الأردني مؤخراً، وهو يتحدث عن النعمة التي هبطت عليه، جراء فتح معبر نصيب الحدودي، ويتحدث كذلك عن رخص الأسعار في "سوريا الأزمة"، مقارنة مع "أردن الهدوء والاستقرار"، على أنه استخدام مبرمج من قبل بعض وسائل الإعلام الأردنية وطبقة التجار التي كانت مستفيدة من فتح المعبر قبل العام 2011، ثم بعد إغلاقه تضررت جميع أعمالها، وبعضهم وصل إلى حافة الإفلاس.

ومن تابع المنطق الذي كان يتحدث به هؤلاء المواطنون الأردنيون، لا يخاله الشك أبداً، بأنهم "مساطيل" وفارغين من أي حس أخلاقي أو إنساني، وهم كما ذكرنا، لا يعبّرون عن موقف الأغلبية الساحقة من الأردنيين، الذين وقفوا إلى جانب ثورة الشعب السوري، ودعموها بكل إمكانياتهم.

وفي الختام نستطيع القول، أن فتح معبر نصيب لا قيمة له بدون أن تستطيع القوافل التجارية السورية الوصول إلى منطقة الخليج العربي، وهو ما يسعى إليه النظام الأردني، الذي اشترط على النظام السوري أن يتم نقل البضائع عبر شاحنات أردنية إلى منطقة الخليج العربي، لأنه يعلم أن الخليج ليس مستعداً بعد لاستقبال البضائع القادمة من سوريا.
 
وفي هذه الحالة يريد الأردن أن يلعب دور الوسيط التجاري الموثوق، من أجل أن يزيد أرباحه، ويعالج أزماته الاقتصادية الناتجة عن إغلاق المعبر خلال السنوات السابقة بحسب اعتقاده.

لذلك وجدناه يستعين بهؤلاء التنابل الذي أخذوا يتحدثون عن مزايا البضائع السورية ورخصها، في محاولة لإيصال رسالة إلى الطرف الآخر من الحدود الأردنية، مع الخليج العربي، بأن هذه البضائع سوف تصل إليهم، وقريباً جداً.

ترك تعليق

التعليق