ما مستقبل الدعم السعودي لأكراد سوريا بعد قضية خاشقجي؟


يستمر الغموض حول مستقبل الدور السعودي في الشمال السوري، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشجقي في قنصلية بلاده باسطنبول، حيث بدا من الواضح لمراقبين أن الدور السعودي الداعم لما يعرف بـ "قوات سوريا الديمقراطية- (قسد)"، آخذ بالتراجع.

وإذا كان من الواضح أن الدعم المالي السعودي المقدم لأكراد سوريا جاء استجابة لشروط أمريكية على السعودية للبقاء في سوريا، فإن من غير الواضح بعد ما إذا كانت السعودية قادرة على مجاراة واشنطن بمواصلة تقديمها هذا الدعم، الذي تعتبره أنقرة واحداً من أبرز النقاط الخلافية الشائكة مع الرياض، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة الأخيرة إلى ترميم علاقتها بأنقرة التي جلبت قضية خاشقجي لسيادتها شيئاً من الضرر.

وفي هذا السياق، أوضح الباحث بالعلاقات الاقتصادية والسياسية، سقراط علو، أن دعم السعودية لإعادة إعمار مناطق "قسد" متعلق بعاملين، الأول: تثبيت الوجود الأمريكي في شرق الفرات لمواجهة النفوذ الإيراني، وهو هدف استراتيجي مشترك للسعودية والولايات المتحدة، والثاني: أن السعودية تستغل دعمها لـ"قسد" التي تعتبرها أنقرة واجهة لتنظيمات إرهابية، كورقة ضغط على تركيا.

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، يعرب علو عن اعتقاده أنه "في حال أسفرت قضية خاشقجي عن تقارب بين السعودية وأنقرة، فإن الدعم السعودي لـ قسد سيكون على رأس الملفات التي يتم تسويتها"، ويستدرك "لكن هذا بحاجة إلى موافقة أمريكية على مشروع أنقرة باستبدال عناصر قسد بفصائل عربية من درع الفرات، لسد الفراغ".

وبالبناء على هذا السيناريو، أي استبدال "قسد" بقوات عربية، يرى الباحث أن الدعم السعودي سيستمر لتلك المناطق بغض النظر عن الجهة المسيطرة، لأن الدعم بالأساس متعلق بإبقاء القوات الأمريكية.

أما الكاتب الصحفي والإعلامي السوري، الدكتور أحمد الهواس، فاعتبر في حديثه لـ"اقتصاد" أن الدعم السعودي والإماراتي للتنظيمات الكردية من بين أبرز الملفات التي تشغل بال أنقرة.

ورأى بالمقابل أن تركيا لن تفوت الفرصة لوقف الدعم المذكور، وأبعد من ذلك لم يستبعد أن تغض السعودية وحلفاؤها الطرف عن عملية عسكرية تركية متوقعة ضد "قسد"، العملية التي ستكون الولايات المتحدة مضطرة للقبول بها، نظراً لتغير الظروف الدولية بعد قضية خاشقجي.

وكل ذلك يعني، من وجهة نظر الهواس، أن الانسحاب السعودي من ملف الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني وأفرعه السورية، بات وشيكاً.

وعلى المنوال ذاته، رجح المسؤول الإعلامي في منصة "INT" الإخبارية، جوان رمّو أن تسحب الرياض يدها من الشمال السوري، على أمل نزع التوتر مع تركيا.

وأشار في هذا السياق إلى إشادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمة ألقاها بن سلمان، الأربعاء، في مؤتمر الاستثمار السعودي.

وقال إن "تداعيات مقتل خاشقجي، بدلت التحركات السعودية في الشمال السوري من ورقة ضغط أمريكية على أنقرة، إلى ورقة ضغط بيد الأخيرة على واشنطن".

وطبقاً لرمّو، فإن التداعيات قد تمتد لتصل ملف منبج، حيث من المتوقع بحسب تصريحه لـ"اقتصاد" أن تسرع واشنطن من وتيرة تنفيذ بنود اتفاقها مع أنقرة حول منبج، الذي ينص على انسحاب وحدات الحماية الكردية منها.

يذكر أن الدعم السعودي الذي يتركز -بحسب المعلن سعودياً- في المجالات المدنية ودعم الإعمار، هو تحت إشراف وزير الدولة السعودية لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، الذي زار الشمال السوري لأكثر من مرة.

ترك تعليق

التعليق