إيجابياتها وسلبياتها.. خدمات مراكز "أطباء بلا حدود" للسوريين في لبنان


 يعاني اللاجئ السوري في لبنان من تكاليف وصعوبة الاستشفاء ومن تكاليف العناية الصحية الباهظة ومحدودية الدعم الأممي له في هذا المجال.

وشكلت منظمة "أطباء بلا حدود" نافذة أمل تخفف بعضاً من المصاعب والتكاليف الصحية على اللاجىء السوري، ويستفيد معه اللبنانيون أيضاً من خدماتها. حيث تقدم المنظمة الرعاية الصحية عبر مراكزها المنتشرة في لبنان لأكثر من 8000 شخص يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتقدم المنظمة خدمات الرعاية الصحية المجانية للبنانيين واللاجئين السوريين على حد سواء. وتشمل خدماتها:
* استشارات طبية: يقوم بها الأطباء والممرضون، العلاجات، المتابعة الدورية للمريض.
* رعاية الأمراض المزمنة: ( السكري والضغط والقلب والأوعية الدموية).
* خدمات الصحة الإنجابية: خلال وبعد الحمل (حيث تقوم قابلة قانونية برعاية الأم ما قبل وبعد الولادة) ومن ثم القيام بالولادات الطبيعية المجانية، إضافة إلى خدمات تنظيم الأسرة للنساء اللواتي يتابعن حملهن في إحدى عيادات المنظمة.
* تقدم عيادات منظمة أطباء بلا حدود في لبنان الرعاية الصحية للأطفال دون عمر الـ 15 سنة، بالإضافة إلى خدمات الصحة النفسية.
* كما تقوم بتقديم بعض الخدمات الاستشفائية للمرضى وتجد فرق الأطباء صعوبة في تأمينها.
*تقدم عيادات المنظمة أدوية الأمراض المزمنة بشكل دوري، كما تقدم بعض الأدوية للمرضى.
* تؤمن المنظمة أيضاً اللقاحات المجانية للأطفال دون الـ 15عاماً في عيادات الرعاية الصحية الأولية في مراكزها.

توفر منظمة أطباء بلا حدود في مراكزها طبيباً عاماً للأمراض المزمنة، وطبيباً عاماً أخصائي أطفال، وفرقاً تمريضية إسعافية، وقابلة قانونية، وطبيباً نفسياً، وأخصائياً نفسياً.


تحاليل طبية.. وتأخير في النتيجة

تتعاقد المنظمة مع مراكز تحليل خاصة لإجراء التحاليل المطلوبة لمرضاها، ولكن تتأخر نتيجة التحليل لمدة أسبوع، حيث يتم إرسال النتيجة من المركز إلى الطبيب باستخدام الواتس آب، وهكذا يبقى المريض بلا علاج حتى صدور نتيجة التحليل، كحالة الطفلة "سما" بعمر سنتين ونصف التي كانت تعاني من "تبول مدمى" فقصد والداها عيادة أطباء بلا حدود في منطقة وادي خالد، تم فحص بطن الطفلة بالضغط عليه فقط من قبل طبيب الأطفال وطلب إجراء تحليل وبقيت الطفلة دون علاج حتى صدرت نتيجة التحليل بعد أسبوع فتم إعطاؤها علبة دواء التهاب صغيرة مجاناً كتب عليها الطبيب تعطى لمدة خمسة أيام، لكن كمية الدواء انتهت خلال ثلاثة أيام، ومازالت الطفلة تعاني من وجع، فتمت مراجعة الطبيب مجدداً، فقال من دون فحصها، ليس بإمكاني أن أعطيها دواءً مرةً أخرى.

هناك أدوية لا تتوفر في عيادات منظمة أطباء بلا حدود، منها أدوية الأعصاب وأدوية علاج الكلى والصور الاشعاعية التي ترهق تكاليفها اللاجئ السوري في لبنان والتي تصل تكلفة بعضها إلى 200 ألف ليرة لبنانية. كذلك لا تتوفر الجراحات العامة. كما لا يتوفر في عياداتها، جهاز ايكو ولا جهاز غسيل للكلى ولا أي جهاز آخر.

وعند سؤال استشارية عاملة لدى المنظمة، خلال تغطيتنا لعمل عيادة أطباء بلا حدود في منطقة وادي خالد، حول ضرورة تأمين الصور والعمليات الجراحية للمرضى ولاسيما اللاجئين السوريين فكان جوابها "نوفر عددتً قليلاً جداً من الصور وبعض العمليات الجراحية للحالات الاضطرارية جداً. وإن استطعنا تأمين عامل اجتماعي يكفل تكلفة الصورة أو العمل الجراحي لأحد مرضانا، فنتواصل معه لحين دفع التكاليف، ولكن ذلك يتطلب وقتاً وفي كثير من الأوقات حالة المريض لا تسمح بالانتظار لحين تأمين عامل اجتماعي كفيل".

كما لا توفر المنظمة في عياداتها أطباء اختصاصيين. فقط، طبيب عام عليه التنبؤ بكافة الأمراض.

ولا تقوم منظمة أطباء بلا حدود بتأمين الولادات القيصرية للنساء الحوامل التي تتم مراقبتهم في مراكزها، وهذه معضلة تعاني منها الكثير من اللاجئات السوريات حيث تبلغ تكلفة أي ولادة قيصرية في أي مشفى ما لا يقل عن 1000 دولار، وإن كانت مسجلة لدى شؤون اللاجئين، فيتم دفع مبلغ (200) دولار للمشفى من قبل ذوي المريض، بالإضافة  للتكاليف الأخرى، وباقي المبلغ تتكفله المنظمة الدولية.


 ماهي أسباب قلة المراجعين لعيادات أطباء بلا حدود؟

من أسباب قلة المراجعين لعيادات "أطباء بلا حدود" واقتصار المراجعين على أبناء المنطقة التي يوجد فيها المركز، هي قلة أعداد مراكز "أطباء بلا حدود" وقلة الخدمات الطبية الضرورية المُكلفة المقدمة من المنظمة، حيث يجد المريض أن دفع أجور نقل للوصول إلى إحدى مراكز المنظمة تعادل أجور أحد الأطباء في المراكز اللبنانية. إلى جانب عدم توفر تحاليل سريعة أو صوراً شعاعية.


أين تقدم منظمة أطباء بلا حدود خدماتها؟

تقيم منظمة "أطباء بلا حدود" عدة عيادات لها، حيث تقدم المنظمة خدمات رعاية الأمراض المزمنة لأكثر من 1300 مريض في عيادتها في منطقة "عرسال" من سكان عرسال اللبنانيين واللاجئين السوريين، ويشمل برنامجهم في "عرسال" تقديم استشارات طبية مجانية وفحوصات مخبرية مجانية، بالإضافة إلى توفير الأدوية مجاناً، وتشمل باقي الخدمات المجانية استشارات طب الأطفال، وخدمات الصحة الإنجابية ( بما في ذلك الولادات الطبيعية)، واستشارات الصحة النفسية، وأنشطة التوعية الصحية.

كما تدير المنظمة عيادة في مخيم "شاتيلا" وعيادة في مخيم "برج البراجنة"، ومركزاً في "زحلة الكرك"، ومركزاً للولادات الطبيعية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، ومركزاً في "مجدل عنجر"، وتدير عيادة في مستشفى "دار الزهراء" في طرابلس، كما كانت تقدم خدماتها في عيادتها في منطقة "العبدة عكار" الذي أغلق منذ شهر نتيجة توقف الدولة المانحة لهذا المركز عن التمويل، وقد لاقى إغلاق المركز ضجة كبيرة كونه المركز الوحيد في منطقة "عكار" وكان يؤمن أدوية الأمراض المزمنة لعدد كبير من أبناء المنطقة، إلى جانب بُعد باقي المراكز عن أبناء المنطقة لمسافات كبيرة.

وقد افتتحت منظمة "أطباء بلا حدود" قسماً لطب الأطفال في مستشفى الياس الهراوي الحكومي في البقاع في آذار /مارس من العام 2017، وذلك بهدف تسهيل حصول الأطفال من كافة الجنسيات من الفئات الأكثر حاجة على الرعاية الطبية المتخصصة والمجانية، حيث تعالج بعض الأمراض التي تصيب الأطفال كالتهاب المعدة والأمعاء والتهاب الجهاز التنفسي والأمراض المرتبطة بانعدام التحصين، كما تقدم خدمات استشفائية للمرضى عبر جناح طب العام ووحدة العناية المركزة.

واستجابة للحاجات الإنسانية والطبية في منطقة وادي خالد ومحيطها، افتتحت منظمة "أطباء بلا حدود" مع بداية عام 2017 مركزاً لرعاية الأمراض المزمنة وطب الأطفال بالاضافة إلى خدمات الصحة النفسية والتثفيف الصحي. حيث يقدم المركز شهرياً حوالي 1400 استشارة طبية في قسمي طب الأطفال والأمراض المزمنة، بالإضافة إلى 120 استشارة نفسية، واعتبرت المنظمة مركزها في منطقة وادي خالد مميزاً جداً حيث تندر فيها الخدمات الصحية، والكثيرين في هذه المنطقة لا يمكنهم تحمل تكاليف الرعاية الصحية.

وقامت منظمة "أطباء بلا حدود" بإعادة تأهيل كافة أقسام مستشفى "بر الياس" نهاية شهر تموز 2018، وتقوم حالياً بتجهيز المبنى واستكمال عملية التوظيف وتدريب الكوادر استعداداً لتشغيل المشفى بشكل جزئي، وستوفر بدايةً خدمات طبية مجانية للفئات الأكثر حاجة في مجالي معالجة الجروح المزمنة وتشمل (التقرحات، الجروح الملتهبة، الجروح الناتجة عن الحروق القديمة) والعمليات الجراحية العامة غير الطارئة للراشدين فوق الـ 15سنة وتشمل (الفتق، البواسير، الباسور الشرجي، والشرخ الشرجي، إغلاق فقر القولون، إعادة جراحة الأطراف المبتورة، إزالة الندبات الخارجية، الخراج).
 
ويتم استقبال المرضى عبر شبكة إحالة حصراً من مراكز أطباء بلا حدود في البقاع. (لا تستقبل المشفى الحالات الطارئة).

وستستقبل المشفى المرضى من الاثنين إلى الجمعة من كل أسبوع من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة عصراً.

كما ستطلق منظمة أطباء بلا حدود هذا العام في زحلة برنامجاً يقدم الرعاية الصحية للأطفال المصابين بالأمراض المزمنة (الربو، التلاسيميا، السكري، وفرط نشاط الغدة الدرقية).

تركز فرق الصحة النفسية في منظمة أطباء بلا حدود على تثقيف المراجعين لمراكزهم، وعلى إقامة حملات توعية آخرها في ساحة النجمة في بيروت تحت عنوان "وقت نحكي صحة نفسية"، ولاسيما اللاجئين السوريين نتيجة حالات العنف والخوف التي عانوا منها في بلدهم.

وحول أهمية الصحة النفسية، تدعو المنظمة بضرورة مراجعة أقرب مركز لها، في حال كان يعاني أحد أفراد الأسرة (حالة نفسية من خوف، اكتئاب، فقدان الطاقة، الوهن والتعب الدائمين من دون سبب عضوي، زيادة أو فقدان الوزن، مشاكل في النوم، التعرق، القلق، سرعة خفقان القلب، التعرض لأحداث عنيفة أو صادمة، الرجفة، الأفكار الوسواسية، الضغوطات النفسية، الأعراض الجسدية غير المبررة بمرض ما، آلام في الصدر أو الظهر، الصداع، الشقيقة، اضطراب في المعدة، آلام في المعدة، الدوخة، الغثيان، ضبابة في الرؤية، الإرهاق المستمر..).

وأيضاً عندما يظهر من الطفل سلوك غير طبيعي، حيث مايزال هناك جهل كبير في مجتمعاتنا حول ضرورة مراجعة طبيب أو أخصائي نفسي.

كما تقدم المنظمة أنشطة التثقيف الصحي في العيادات التابعة لها وعبر النشاطات الخارجية في المخيمات. وتقوم فرق المنظمة بحملات للتبرع بالدم.


فرص العمل في المنظمة للبنانيين دون اللاجئين السوريين

 توفر منظمة أطباء بلا حدود فرص عمل للعديد من الشباب والشابات اللبنانيات في مراكزها، ويستثنى من التوظيف اللاجئون السوريون إلا بحالات نادرة جداً وبالمحسوبيات على الرغم من رفع شعار عدم التمييز، حيث يعمل أكثر من 100 ممرض وممرضة في برامج منظمة أطباء بلا حدود، وأكثر من 100 فني وتقني ولوجستي، بالإضافة إلى الأطباء وعدد من المهندسين، والاداريين، ومديري موارد بشرية ومالية، وإداريين ومحاسبين ومنشطين ميدانيين، وعدد من المستخدمين.

وتعلن المنظمة عن توفر فرص عمل مأجورة بشكل دوري للانضمام إلى طواقمها في لبنان، وليس للمنظمة برامج تطوعية في لبنان.

تقدم المنظمة خدمات يحتاجها اللاجئ السوري في لبنان، ولكن معظم اللاجئين السوريين يجهلون تلك الخدمات نتيجة بُعد مراكز أطباء بلا حدود عن مكان إقامة غالبية اللاجئين السوريين باستثناء المركز الوحيد القريب في منطقة عكار والذي تم إغلاقه، ومشكلة تكاليف التنقل في لبنان ترهق اللاجىء السوري مالياً بالاضافة لمعضلة الاقامة ومخالفة أغلب السوريين بسبب تعقيدات اجراءات الإقامة التعجيزية من جانب الجهات اللبنانية وانتشار الحواجز الأمنية اللبنانية التي تشكل مانعاً أساسياً لتنقلات السوريين.

ترك تعليق

التعليق