رئة لبنان إلى الخليج العربي تخنقها السياسة


 ابتهج المصدرون اللبنانيون الشهر الماضي عندما قامت حكومة النظام السوري بفتح معبر بري رئيسي مع الأردن كانت قد أغلقته سنوات الحرب، ما أعاد طريق التجارة البري الذي كانت ثمة حاجة ماسة اليه لأسواق الخليج المربحة.

لكن الخلافات المستمرة بين لبنان وسوريا، فضلا عن الشقاق السياسي الداخلي في بيروت، تعني ان العديد من الشركات اللبنانية لا تزال تعتمد على النقل البحري الأطول والأكثر كلفة ما يعوق الجهود المبذولة لإنهاض الاقتصاد المتداعي الذي أرهقته سنوات الحرب الطويلة في الجارة الكبيرة سوريا.

ان إعادة فتح معبر النصيب-جابر الحدودي سمح لمحمد الأعرجي، وهو صاحب شركة نقل في وادي البقاع اللبناني، باستعادة شاحنتين كانتا عالقتين في الأردن منذ عام 2015 عندما استولى الثوار السوريون على المعبر. وثمة شاحنتان مبردتان تقفان عند باب منزله طوال السنوات الثلاث الماضية.

وحتى قبل اغلاق المعبر بشكل رسمي، اختطف متمردون شقيقه لفترة وجيزة أثناء قيادته شاحنة عبر سوريا ما يؤكد المخاطر التي يواجهها في محاولة إبقاء الطريق مفتوحا.

قال الأعرجي ان المعبر كان رئة لبنان وان إغلاقه شكل ضربة قاضية للاقتصاد، وأضر بالمزارعين والتجار والصناعيين وسواق مركبات النقل. لذلك كان سعيدا عندما أعادت قوات النظام السوري فتح المعبر وتأمين الطريق.

لكنه وطوال أسابيع لم يكن قادرا على العثور على مصدرين مستعدين لمنحه عقود شحن. وأخيرا أرسل يوم السبت الماضي حمولته الأولى الى المملكة العربية السعودية بعد أن عرض على المصدر سعرا مغريا.

وقال "ان الناس ما زالوا ينتظرون رؤية ما سيحدث".

الطريق البري عبر سوريا والأردن والعراق حيوي للبنان، ومحصور بين سوريا والحدود المغلقة مع إسرائيل والبحر.

انخفضت صادرات لبنان بعد أن كانت 78 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 - أي قبل ثلاث سنوات من بدء الحرب في سوريا - إلى 36 بالمائة في 2017.

قبل إغلاق معبر "نصيب-جابر"، كانت أكثر من 250 شاحنة تتجه من لبنان إلى الأسواق في سوريا والأردن والعراق والخليج يوميا.

أما بعد الإغلاق، انخفض هذا العدد إلى نحو 300 شاحنة شهريا في أحسن الظروف، حسبما قال مسؤولو الجمارك.

يصدر حوالي 500 طن من الخضروات والفواكه سنويا عبر المعبر السوري- الأردني، حسبما يقول إبراهيم الترشيشي، رئيس اتحاد نقابات المزارعين في البقاع.

ومنذ غلق المعبر، انخفض هذا التدفق بما يقرب من 40 بالمائة، إي ما لا يزيد على 330 ألف طن.

وانخفضت الصادرات من البقاع إلى السعودية بنسبة 60 بالمائة، وفقا لأرقام من غرفة التجارة في البقاع.

وبعد إعادة فتح المعبر، فرضت سوريا والأردن تعريفة جديدة على الشاحنات المتجهة إلى الخليج.

وقال الترشيشي إن الزيادة السورية وحدها كانت خمسة أضعاف.

وفي الوقت نفسه دعم لبنان التنقل عن طريق البحر.

يأمل تجار في أن يؤدي تحسن العلاقات بين سوريا ولبنان إلى خفض التعريفات، لكن الزعماء السياسيين في لبنان منقسمون بشدة بين مؤيدين ومعارضين لرأس النظام السوري بشار الأسد، ولم يتمكنوا من تشكيل حكومة منذ انتخابات مايو/ أيار الماضي.

يبقى التواصل بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين شخصيا وحزبيا - ويشكو البعض بأن نظام الأسد تستخدم التعريفات لإجبار لبنان على تطبيع العلاقات.

يقول خبراء إن السياسات والقرارات المبهمة أعاقت حركة التجارة أيضا.

صرح شارل زرزور، رئيس دائرة التصدير والاستيراد والحجر الصحي الزراعي في لبنان، بأن فتح المعبر تسبب في "راحة نفسية" للتجار.

وقال لأسوشيتد برس "عندما يكون لدينا حكومة في لبنان إن شاء الله، ستضع سياسة حكيمة تخدم مصلحة البلاد ، بما في ذلك تخفيض التعريفات".

لم يعلق مسؤولون في نظام الأسد على الأمر.

ضغط الترشيشي لإنهاء الدعم الحكومي للشحن البحري وغيره من الإجراءات الحكومية لإنعاش الصادرات البرية.

ويقول "لكن مع وجود حكومة تصريف الأعمال، لا أحد يريد تحمل المسؤولية".

وفي أحد الأيام عند معبر "المصنع"، كانت هناك 12 شاحنة محملة بالموز في الطريق إلى دمشق.

بينما كانت شاحنة واحدة - تحمل مواد تنظيف - متجهة إلى الأردن.

ولم تكن هناك أي شاحنات في الطريق لدول الخليج.

يواصل طلال درويش - أحد المصدرين - إرسال العنب والتفاح والكمثرى عن طريق البحر.

وفي أحد الأيام، سارع العمال إلى إعداد شحنة متجهة إلى الكويت.

الرحلات البرية ستكون أرخص وأسرع، حيث تستغرق خمسة أيام بدلا من 25.

سمع طلال عن الجهود المبذولة لخفض التعريفات، لكنه قال "ما زلنا لا نعرف ما إذا كان ذلك سيطبق رسميا، لذلك لا نندفع".

ترك تعليق

التعليق