في تكرار للتجربة العراقية.. جامعات النظام في مواجهة المدّ الإيراني


حملت التحركات الإيرانية نحو الجامعات السورية، مؤخراً، نوايا واضحة للهيمنة على التعليم الجامعي وإحكام القبضة عليه.

بدأت تلك التحركات بتوقيع عدد من الجامعات الإيرانية اتفاقات تعاون مع جامعة حماة، مروراً بافتتاح قسم لتدريس اللغة الفارسية في جامعة تشرين باللاذقية الشهر الماضي، وصولاً إلى إقامة مؤتمر في جامعة حلب بحضور السفير الإيراني جواد ترك آبادي، وإعلان وزير العلوم والأبحاث الإيراني "منصور غلامي" إنشاء فرع لجامعة "تربية مدرس" الإيرانية، في دمشق قبل يومين.
 
وعدّ مراقبون التحرك الإيراني نحو الجامعات السورية، بأنه "مؤشر خطير على حجم النفوذ الإيراني في سوريا"، معتبرين أن ذلك يندرج في سياق هيمنة طهران على كل مفاصل الدولة، وذلك بعد هيمنتها على الجيش أو ما تبقى منه والاقتصاد.

تكرار التجربة العراقية

أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماردين التركية، وسام الدين العكلة، اعتبر أن إيران تحاول تكرار تجربتها العراقية في سوريا، حيث استطاعت هناك، خلال عقد من الزمن، تغيير جميع المناهج في المدارس والجامعات العراقية بما يتناسب مع مصالحها وأجندتها العقائدية والقومية والمذهبية.

وأضاف لـ"اقتصاد" أن إيران تدرك أهمية التعليم، وسياستها المستقبلة نحو سوريا تركز على البحث عن أسباب تخولها البقاء في سوريا بعيداً عن الوجود العسكري، لأنها تدرك أن بقاء الحالة العسكرية في سوريا إلى ما لا نهاية، أمر مستبعد.

نشر الثقافة المذهبية

وقال العكلة، إن طهران تركز الآن على تثبيت وجودها من خلال نشر ثقافتها المذهبية ولغتها، مؤكداً أنها تستقطب البعثات الدراسية التي توفدها الجامعات السورية، ليكون طلاب هذه البعثات رصيداً لهامش مستقبلي لها، وكذلك تقوم بتقديم المنح الدراسية للطلاب السوريين، وتحديداً من الأقليات.

وفي المقابل، أشار الأكاديمي، إلى اهتمام طهران بالتعليم ما دون الجامعي، من خلال دعم المدارس استغلالاً للأوضاع الاقتصادية المتردية، لتثبيت وجودها الثقافي والديني في فكر أجيالٍ سوريةٍ قادمةٍ، مؤكداً في هذا السياق أن طهران تنفق أموالاً طائلة.

ومثل العكلة، اعتبر الباحث، مهند الكاطع، أن إيران تريد أن ترسل رسالة مفادها بأن الانسحاب من سوريا والتنازل عن مكتسباتها التوسعية في هذا البلد ليس وارداً في حساباتها، وأن وجودها ليس عسكرياً فقط، بل يمتد ليشمل مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأيضاً الدينية المتمثلة بتشجيع التشيع وبناء المزارات الخاصة، وأخيراً التغلغل في الجانب التعليمي عبر فتح المجال للطلبة السوريين للدراسة في الجامعات الإيرانية أو محاولة افتتاح أقسام خاصة بالدراسات الإيرانية داخل الجامعات، ما يؤشر إلى أهداف سياسية بعيدة المدى تستهدف الطلبة.

وقال لـ"اقتصاد" إن التوجه الإيراني يزداد خطورة ويتجه نحو التشبث بسياسة إيران التوسعية، والشعب السوري مدرك تماماً لحجم هذا التغلغل الإيراني، مستدركاً "لكن السوري لا يملك اليوم الكثير من الخيارات لمواجهة الوجود الإيراني".

تسريع الحل السياسي

ورأى الكاطع، أن الوصول لحل سياسي بين الأطراف الرئيسية الدولية في الشأن السوري، قد يفضي لتسريع عملية الانتقال السياسي، ما يؤذن ببداية النهاية للدور الإيراني في سوريا.

يذكر أن رئيس الائتلاف، عبد الرحمن مصطفى، كان قد حذر اليوم السبت، من تداعيات تأخر المجتمع الدولي بإجبار الأسد على العودة إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى حل سياسي، معتبراً أن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة وسيدفع العالم ثمنه مضاعفاً.

ترك تعليق

التعليق