أزمة مازوت تُلهب جدلاً.. هل الهدف تفريغ "الحسينية" من الفلسطينيين؟


بات منظر النساء والأطفال وهم يحملون غالونات من البلاستيك ويستجدون المسؤولين عن توزيع مازوت التدفئة مشهداً مألوفاً في مخيم الحسينية للاجئين الفلسطينيين بريف دمشق، بعد فقدان المادة بسبب رفض رئيس بلدية المخيم استقدام صهريج مازوت إلى المخيم.

وناشد سكان المخيم وغالبيتهم من اللاجئين الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولين بالنظر بعين الرحمة لحال أطفالهم ومسنيهم واتهام بلدية المخيم ولجنة المصالحة بالتقصير وتجاهل شكاوي أهالي المخيم.
 
هذه المناشدات جاءت بعد نقاش محتدم بين الأهالي ورئيس البلدية الذي يرفض بدوره بحسب الأهالي استقدام صهريج مازوت ليسهل على الأهالي تعبئة مخصصاتهم من مازوت التدفئة. هذا النقاش تحول لوسائل التواصل الاجتماعي ووصل لحد الشتائم ضد رئيس البلدية فمعظم أهالي المخيم يعتبرونه سبب مشكلتهم في تأمين مادة المازوت.

"أبو محمد -(اسم مستعار)" لاجئ فلسطيني من سكان مخيم الحسينية يروي لـ "اقتصاد" تفاصيل معاناة الأهالي. "الركض وراء سيارة المازوت في المخيم بات مهمة شبه يومية وترجي المسؤولين عن التوزيع للحصول على ٢٠ لتر فقط لكسر برد الشتاء عن أجساد أطفالنا. فنحن للأسف نعيش في منطقة تغيب عنها الكهرباء لساعات طويلة وتطول معها قائمة المشكلات التي يعاني منها سكان المخيم من ماء ونظافة ومواصلات وغيرها، لكن نحن كبشر لم نعد نتحمل ضغوط جديدة بالنسبة لأزمة المازوت بصراحة لا يوجد أي استجابة. رئيس البلدية أمّن أقاربه ومن لديه واسطة ومن لا يملك واسطة فله الله".

ويردف "أبو محمد": "حينما نطالب بتأمين صهريج مازوت للمخيم فنحن من سيدفع ثمنه، وهذه مخصصاتنا على بطاقة التوزيع. لكن من خلال نقاشنا اليومي مع رئيس البلدية وصمته عن أي إجابة في هذا الموضوع يضع شكوك كثيرة فنحن أهالي المخيم نعلم أن عمليات التوزيع تمت لناس وناس حسب الواسطة والمحسوبيات. باعتقادي رفض رئيس البلدية تأمين صهريج مازوت سببه واضح وهو أن مخصصات المخيم من المادة انتهت تم توزيعها على بعض المنازل والباقي تمت سرقته وبيعه بسعر الحر لا يوجد أي تفسير منطقي لما نعانيه غير هذا التفسير".

"أبو سليمان" من سكان المخيم أيضاً يقول لـ "اقتصاد": "أريد أن أسأل المسؤولين هل بإمكانهم أن يعيشوا بدون تدفئة أو هل بإمكانهم أن يروا أطفالهم وأجسادهم ترتجف من البرد. موضوع المحسوبيات والواسطات فاقم المشكلة وزاد المعاناة. في حالتي مثلاً، ورغم أنه من المفروض أن عملية التوزيع تتم بالدور، تم تعبئة المازوت للمنازل المجاورة لمنزلي واستثناء منزلي من التعبئة وعند سؤالي لمرافقة الصهريج قالوا إنهم يعملون بحسب المخطط الذي وضعه المختار".

ويُعتبر مخيم الحسينية جزء من بلدة الحسينية الواقعة على طريق دمشق السويداء بالقرب من قصر المؤتمرات والسيدة زينب والمخيم هو نتاج توسع سكاني لمخيمي جرمانا واليرموك وبسطت قوات النظام سيطرتها على المخيم منذ عام ٢٠١٣ بعد تعرض المخيم للقصف وعمليات عسكرية واسعة.

مصدر مقرب من لجنة المصالحة في مخيم الحسينية رفض الكشف عن اسمه، يقول في حديث لـ "اقتصاد" إن الأزمات التي يعاني منها المخيم أكبر من إمكانيات البلدية. "سيطرت قوات النظام على المخيم منذ شهر تشرين الأول عام ٢٠١٣ ومنذ ذلك الوقت ووضع المخيم على ما هو عليه. ظروف حياتية صعبة جداً، الأمر لا يتوقف على أزمة المازوت هناك أزمة كهرباء وأزمة ماء وأزمة مواصلات. الوعود الحكومية لم يُنفّذ منها شي ومعظم شكاوى الأهالي لم ترَ النور بعد أن وُضعت في أدراج مكاتب المحافظة، رغم قناعتي بوجود تقصير كبير من البلدية لكن حقيقةً، ماذا تستطيع البلدية فعله وسط إهمال وتعامي الجهات الحكومية في النظام السوري وعدم تقديمها أي شيء لتحسين واقع المخيم؟، السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا التضييق المستمر منذ قرابة أربع سنوات، هو وسيلة للضغط على اللاجئين الفلسطينيين من سكان مخيم الحسينية والذين لازالوا يشكلون تجمعاً فلسطينياً، للبحث عن أماكن أفضل للإقامة؟.. هل هي وسيلة لتفريغ تجمعات الشتات الفلسطيني وتفريق أهلها".


ترك تعليق

التعليق