إرادة تنتصر على الصمم والبكم.. قصة لاجئ سوري في النمسا


حسام لاجئ سوري يعيش في النمسا منذ ثلاث سنوات، ورغم أنه ولد أصمّا وأبكمّا، إلا أنه أتيحت له فرصة إجراء تدريب مهني في شركة سيمنس، عملاق الصناعات الإلكترونية الألمانية، ليصبح مختصاً في التقنية الكهربائية، وذلك حسب تقرير رصد قصة إرادة هذا الشاب السوري، في موقع "مهاجر نيوز"، منذ أيام، وأعاد موقع "صوت ألمانيا – DW" نشر التقرير أمس الاثنين.

 ***

لم يفتح لنا باب البناية بالزر الكهربائي، بل نزل الشاب حسام بنفسه ليفتح الباب ويستقبلنا بابتسامة مشرقة، تكفي للتعبير عن سعادته بقدومنا. فحسام الذي يبلغ من العمر (23 عاما)  ولد لا ينطق ولا يسمع، حسبما تروي والدته لمهاجر نيوز: "منذ أن كان جنيناً أخبرنا الأطباء أنه قد يولد بتشوهات خلقية حيث كنت مصابة بالحصبة الألمانية". كان عمر حسام حوالي سنة ونصف عندما تأكد والداه من أنه لا يسمع، وهنا بدأت "معاناة طويلة" لتأهيل حسام من أجل أن يتمكّن من فهم ما يُقال له.

خضع حسام لعملية زرع حلزون، عندما كان في التاسعة من العمر، ساعدت على تحسن سمعه. إلا أن الجهاز السمعي تعطل خلال فترة الحرب ولم تستطع العائلة الذهاب إلى دمشق من أجل إصلاحه أو الحصول على جهاز جديد، كما تقول الأم، "ما أثر على سمعه ونطقه".

حافز للتغلب على الإعاقة

بسبب تفاقم الوضع في حمص اضطرت العائلة للهروب إلى لبنان على أمل العودة خلال أيام، لكن عدم تحسن الأوضاع في حمص حال دون ذلك. فقررت العائلة اللجوء إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا.

وصل الأب وحيداً في البداية، ثم قام بلم شمل العائلة والذي لم يشمل ابنه البكر حسام الذي كان قد تجاوز الثامنة عشر من العمر، ليلحق حسام بعائلته أثناء موجة اللجوء "المليونية" إلى أوروبا عبر البحر عام 2015.

رغم أن حسام ولد مصابا بالصمم والبكم، إلا أن والديه لم يتوقفا عن بذل أقصى ما بوسعهما، من أجل تعليم ابنهما وتطوير خبراته حسبما يؤكد والده مضيفا بالقول: "لديه طموح كبير ويحب الدراسة جداً كما أنه جريء ويحب التخطيط والرسم الهندسي".

وعندما وصلت العائلة إلى النمسا لم تكن تدري في البداية ماذا يمكن أن تفعل من أجل مساعدة ابنها البكر، كما يقول الأب، ويضيف: "كان يفاجئنا ويبحث بنفسه على الإنترنت عن منظمات تقدم المساعدة، كما أنه قام بالتسجيل في المدرسة بنفسه".

إنجاز وطموح مستمر

استطاع حسام تعلم لغة الإشارة في النمسا خلال أربعة أشهر، كما حصل على شهادة المرحلة الإعدادية والتي كانت شرطاً من أجل البدء بالتدريب المهني لدى فرع شركة سيمنس، عملاق الصناعات الإلكترونية الألمانية، في النمسا.

ويدرس اللاجئ السوري حالياً في السنة الثانية من التدريب المهني الذي يستغرق أربع سنوات، من أجل أن يصبح مختصاً في التقنية الكهربائية. وخصصت له الشركة مترجماً للغة الإشارة من أجل أن يشرح له ما يصعب عليه فهمه. يقول حسام لمهاجر نيوز: "ألاقي صعوبات في التدريب المهني لكن المشكلة الأساسية ليست في الفهم، بل بضيق الوقت وقصر مدة إقامتي في النمسا مقارنة بزملائي".

وقد شهد وضع حسام تحسناً كبيراً عندما خضع لعملية أخرى لزرع حلزون الأذن العام الماضي. وقد سجل نفسه لدى الجمعية النمساوية لمترجمي لغة الإشارة من أجل مساعدته عندما تكون لديه مواعيد لدى الدوائر الرسمية.

لكن طموح حسام لا ينتهي بإكمال التدريب المهني، بل يطمح للحصول على شهادة البكلوريا بعد التدريب المهني من أجل أن يدرس الهندسة الطبية ويتخصص بتركيب حلزونات الأذن والأجهزة السمعية. يقول حسام: "أريد أن أساعد في تخفيف معاناة الأشخاص الذين يواجهون معاناة شبيهة بمعاناتي".

ترك تعليق

التعليق