"الركبان".. رجل مسن على أجهزة إنعاش


تفيد الأنباء الواردة من مخيم "الركبان" بارتفاع كبير في أسعار مواد التدفئة وخاصة مع حلول فصل الشتاء، مقارنة بأسعارها في الشمال السوري.

 ويقع مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية في البادية. ويُؤوي نحو 60 ألف مدني نازح.

وذكرت مصادر أهلية، أن 10% فقط من أهالي المخيم بإمكانهم شراء مادة المازوت، في حين أن 90% منهم لا يستطيعون تأمين مواد التدفئة بمختلف أنواعها.

ويفتقر المخيم إلى أدنى مقومات الحياة المعيشية اليومية. ويقطع نظام الأسد الطرق الواصلة إلى المخيم ما يزيد من معاناة قاطنيه، الأمر الذي فتح باباً أمام "تجار الأزمات" لاحتكار المواد ورفع أسعارها مستغلين قطع الطرقات الرئيسة وحاجة الأهالي لكافة المواد الأساسية اللازمة لحياتهم اليومية.

20 ألف ليرة سعر المدفأة و900 ليرة سورية سعر لتر البنزين

الناشط "عماد أبو شام" نقل لموقع "اقتصاد" من داخل مخيم "الركبان" أسعار مواد التدفئة، وقال إن سعر لتر المازوت وصل إلى حدود 600 ليرة سورية، في حين يصل سعر لتر البنزين إلى حدود 900 ليرة سورية، وسعر لتر الكاز 650 ليرة سورية.

 في حين لا يتخطى سعر لتر البنزين حاجز 400 ليرة سورية ولتر المازوت 350 ليرة سورية ولتر الكاز بنحو 250 ليرة سورية في مناطق الشمال السوري في أرياف حلب وإدلب، بحسب تقديرات نشطاء من تلك المناطق.

وعزا "أبو شام" ارتفاع أسعار تلك المواد إلى انقطاع الطرقات بسبب الحصار وبسبب الفيضانات والسيول التي تشهدها البادية السورية جراء الأجواء المناخية القاسية، لافتاً إلى أن قوات النظام تفرض حصاراً خانقاً على المخيم منذ بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

 وأضاف الناشط أن الأهالي يعتمدون أيضاً على مادة "الحطب" إلا أنها قليلة جداً وأحياناً تأتي عبر مهربين، إلا أن هؤلاء المهربين يعتبرون أن نقل مادة المازوت أسهل بكثير بالنسبة لهم نظراً لطبيعة المنطقة كونها صحراوية ولا يوجد فيها أشجار.

وفي حال انقطاع مادتي المازوت والحطب، فإن الأهالي وخاصة من هم أشد فقراً يلجؤون إلى "مكبات القمامة" لجمع أكياس النايلون وقطع البلاستيك وغيرها، من أجل حرقها والتدفئة عليها.

وزودنا "أبو شام" بلمحة عن أسعار المدافئ ومستلزماتها وقال: "سعر بوري مدفأة المازوت 900 ليرة سورية، وسعر مدفأة المازوت الصغيرة 15000 ليرة سورية، وسعر المدفأة الكبيرة 20000 ليرة سورية"، لافتاً إلى أن العائلة الواحدة في مخيم الركبان تحتاج إلى 20 ألف ليرة سورية كحد أدنى حتى تقوم بتركيب مدفأة مازوت.

وتحتاج العالة الواحدة المؤلفة من 5 أفراد بشكل وسطي لنحو 6500 ليرة سورية يومياً، موزعة على النحو التالي: 500 ليرة سورية ثمن ربطتي خبز، 2000 ليرة تكلفة وجبة الإفطار، 4000 ليرة سورية تكلفة وجبة الغداء، بحسب تقديرات "أبو شام"، الذي لفت إلى أن غالبية العوائل تعتمد في وجبة العشاء على بقايا وجبة الغداء.


ارتفاع في أسعار الأدوية والملابس وحليب الأطفال

ووصفت مصادر محلية مخيم الركبان بأنه أصبح كرجل مسن على أجهزة الانعاش في أيامه الأخيرة، بسبب تردي الوضع الصحي وانتشار الأمراض وغياب الكوادر الطبية. وقد سُجلت العديد من حالات الوفيات مؤخراً وخاصة بين الأطفال، بسبب سوء التغذية. في حين أشارت مصادر تحدثت لموقع "اقتصاد"، إلى ارتفاع كبير في أسعار الأدوية إن وجدت.

وفي هذا الصدد قال رئيس مجلس عشائر تدمر والبادية "محمد خضر المحيا" لموقع اقتصاد: "أسعار الأدوية مرتفعة جداً وقد تصل الزيادة إلى خمسة أضعاف بدون مبالغة، فعلى سبيل المثال يصل سعر دواء (السيتامول) إلى 300 ليرة سورية للظرف الواحد، في حين يصل سعر (حب الالتهاب) إلى 1500 ليرة سورية للظرف الواحد".

وفيما يخص مادة "حليب الأطفال" أوضح "المحيا" أن تلك المادة غير متوافرة وفي حال توافرها فإن أسعارها تفوق قدرة الأهالي الشرائية، حيث سجلت علبة حليب الأطفال الواحدة من نوع "نان" سعراً وصل إلى 4000 ليرة سورية، في حين يصل سعر علبة حليب الأطفال من نوع "كلوكوز" إلى 3500 ليرة سورية.

وتطرق "المحيا" في حديثه إلى أسعار بعض المواد الأساسية داخل المخيم وأهمها مادة الخبز التي يصل سعر الربطة الواحدة منها إلى 250 ليرة سورية زنة 700 غرام، في حين يباع لتر الزيت بسعر 700 ليرة، وكلغ السكر الواحد بسعر 400 ليرة، ويصل سعر كغ الأرز العادي إلى 500 ليرة سورية مقابل 1000 ليرة سورية سعر كغ الأرز من نوعية "الشعلان"، ويباع كلغ اللبن بسعر 1500 ليرة، في حين يباع كلغ اللحمة بسعر 3000 ليرة سورية.

ولدى سؤاله عن أسعار الملابس داخل المخيم أجاب "المحيا"، بأنه لا أحد يشتري الملابس إلا ما ندر، كون أسعارها مرتفعة جداً، فعلى سبيل المثال يصل سعر البنطال الولادي لعمر 12 سنة إلى 4500 ليرة سورية نوعيته "جينز"، ويصل سعر "الجلابية الرجالية" إلى حدود 13000 ليرة، والحذاء يصل سعره إلى 8000 ليرة سورية.


البطانية والفروة "وسيلة للتدفئة"

وأجمعت عدد من المصادر من داخل المخيم أن القمامة وبواقي إطارات السيارات المهترئة والأحذية القديمة، هي البديل الوحيد لسكان مخيم الركبان في حرقها من أجل التدفئة عليها نظراً لارتفاع أسعار مواد المحروقات، ناهيك عن ارتفاع أسعار المدافئ.

وقال "محمود قاسم الهميلي" مدير مكتب الإغاثة في الإدارة المدنية بمخيم الركبان لموقع "اقتصاد"، إن أقل من 10% من الأهالي قادرون على الحصول على مدفأة، ومن له أقارب بالخارج بإمكانه أن يرسل له حوالة مالية وبموجبها يشتري مدفأة.

وأضاف، أن البدائل عن المحروقات هي "البطانيات" وأيضاً "الفروة" إن وجدت، وعدم الخروج لخارج الخيمة حتى ولو كان الأمر اضطرارياً، ففي فصل البرد كل شيء يجب تأجيله كون برد مخيم الركبان لا يحتمل.

وحمّل الأهالي من أسموهم "تجار الحروب" بالإضافة للمجتمع الدولي، مسؤولية ما يمرون به من ظروف إنسانية غاية في السوء.

وقال "الهميلي": "إن من يتحمل رفع الأسعار هو من يتحمل مسؤولية حصار الركبان وقطع الطرقات على نحو 50 ألف مدني، والعالم أجمع مسؤول عن هذا الوضع بشكل عام ونظام الأسد بشكل خاص، وسط انعدام أي وسيلة من وسائل الحياة داخل المخيم".

وشكا "الهميلي" من تجار الحروب والأزمات الذين يستغلون قطع قوات النظام للطرقات الواصلة إلى المخيم وقال: "إن التاجر على سبيل المثال يقوم بإدخال سيارة محملة بمادة البطاطا لكنه يستغل حاجة الناس ويقوم ببيع الكلغ الواحد من تلك المادة لسكان المخيم بالسعر الذي يريده ويناسب مزاجه، دون أي تقدير لظروف الأهالي المتردية".

ولفت المصدر ذاته الانتباه، إلى أن من أهم مطالب سكان المخيم هي فتح الطرقات، وعندها سيكون بمقدور النازحين التوجه باتجاه المنطقة التي يريدونها.

ترك تعليق

التعليق