مستقبل قلق للسوريين في الدنمارك.. كيف يمكن مواجهته؟


"لم أعد أشعر بالأمان ولا بالاستقرار في الدنمارك وأريد مغادرتها إلى أي بلد أوروبي، لا مستقبل لي في هذا البلد الذي أصدرت حكومته قرارات لا إنسانية بحقنا كبشر ولاجئين، وبالرغم من أني أعمل في إحدى الشركات الكبرى للشحن ونقل الطرود كسائق لشاحنة إلا أني لا أرغب بالبقاء في هذا البلد بعد أن ارتدى لباس العنصرية"، بهذه الكلمات وصف "عبيدة" المقيم في الدنمارك القرارات الأخيرة للحكومة الدنماركية حول إلغاء الحق في الإقامة الدائمة لآلاف اللاجئين السوريين تمهيداً لعزلهم ربما، مع مجرمين في إحدى الجزر، حسب إحدى السيناريوهات المحتملة لتطور القرار المثير للجدل.

ومن المتوقع المصادقة على القرارات الخاصة باللاجئين، الأسبوع القادم في البرلمان، بعد أن تم التوافق عليها بين أحزاب الحكومة الدنماركية المؤلفة من حزب الليبراليين والليبراليين الجدد وحزب المحافظين بالإضافة إلى أهم داعم للحكومة وهو حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف والذي يشغل نوابه 35 بالمائة من مقاعد البرلمان.

وعن أثر تلك القرارات على اللاجئين السوريين في الدنمارك والمقدر عددهم بحوالي 30 ألف لاجئ، تواصل "اقتصاد" مع "عاصم سويد" أحد أعضاء منظمة "فنجان" الثقافية والاجتماعية في كوبنهاغن. ويرى "سويد" أن القرارات الأخيرة تؤثر بشكل مباشر على أكثر من 4500 لاجئ سوري من أصحاب الحماية أو الإقامات المؤقتة ممن رُفضت طلبات لجوئهم، إذ لن يحصلوا أبداً على حق الإقامة الدائمة حتى لو دخلوا سوق العمل وانخرطوا واندمجوا في المجتمع.

بالإضافة إلى خصم نسبة من المساعدات المقدمة لبعض العائلات، لتصبح أقل بكثير مما يستطيعون العيش بواسطته في دولة تُعتبر الأسعار فيها مرتفعة للغاية. وتكاد تكون تلك المساعدات والتي يتلقاها بعض اللاجئين من كبار السن والمرضى والنساء، بالحد الأدنى الذي يكاد يكفي للعيش شهرياً. في المقابل توجد نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين تعمل وتدفع نصف مرتباتها للضرائب.

وأضاف سويد أنه مع القرارات الأخيرة قد لا يستطيع بعض اللاجئين السوريين دفع أجرة منازلهم، لأنها ستكون أعلى من المساعدة المقدمة لهم، إضافة لشعور الكثير منهم بالقلق والخوف على مستقبل أطفالهم، وكيف سيكبرون في ظل تنامي العنصرية ضدهم.

وبحسب سويد، يُقسم السوريون في الدنمارك حسب الوضع القانوني والإقامة التي يحملونها، إلى إلى ثلاث فئات مثلهم مثل باقي اللاجئين الذين قدموا مؤخراً، وهذه الفئات هي: الأولى، أصحاب لجوء سياسي وهم الشباب ما دون سن ٤٢ عاماً وذلك بسبب التجنيد والاحتياط يضاف إليهم من كان موظفاً حكومياً وأثبت ذلك لأن حكمه كالضابط المنشق عند نظام الأسد إضافة للمنشقين وهؤلاء يتم تجديد إقاماتهم لمن قدم بعد ٢٠١٥ كل سنتين. أما الفئة الثانية فهي من السوريين الفلسطينيين فهؤلاء يصنفون كلاجئين بلا وطن. أما الفئة الثالثة فتشمل كبار السن والمعفيين من خدمة العلم في جيش النظام والكثير من الإناث وهم أصحاب الحماية الموقتة وتجدد إقامتهم كل سنة ولا يحق لهم جميع حقوق الفئتين السابقتين وأهمها التعليم الجامعي والمهني.

ناشطون يدعون للتظاهر والاحتجاج ضد قرارات الحكومة

ودعا عدد من النشطاء السوريين في الدنمارك اللاجئين السوريين إلى تنظيم التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات لثني الحكومة الدنماركية وإجبارها على التراجع عن القرارات الأخيرة.

شادي توتنجي، وهو طبيب سوري مقيم في في الدنمارك كان أول من دعا لذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت دعوته ترحيباً وتأييداً واسعاً في أوساط السوريين بالدنمارك، بحسب ما ذكر توتنجي في حديث خاص لـ "اقتصاد".

وأضاف توتنجي: "تقاعسنا وسكوتنا سابقاً كلاجئين عن بعض القرارات الحكومية المجحفة بحقنا، جعل الحكومة الدنماركية تزيد من التضييق على اللاجئين من خلال إصدار قرارات ساهمت بشكل مباشر بتفتيت مجتمع اللاجئين من خلال سن قوانين لكل فئة على حدى، الأمر الذي خلق حالة من اللامبالاة من قبل بعض اللاجئين تجاه أقرانهم الآخرين، حتى أتى القرار الأخير الذي ربما قد يكون بمثابة الضربة القاضية لمستقبل اللاجئين السوريين في الدنمارك".

وتابع توتنجي: "هذا التطور وضعنا كلاجئين سوريين في هذا البلد أمام عدد من الخيارات ومنها الاتجاه بشكل جماعي إلى الدول الأوروبية المجاورة للدنمارك وطلب اللجوء بالرغم مما يحمله هذا الخيار من تسرع وبُعد عن الواقع والعقلانية في التصرف، أو ربما يكون ذلك آخر الحلول في النهاية في حال لم تستجب الحكومة الدنماركية لمطالبنا العادلة والمحقة في معاملتنا كبشر أسوة بغيرنا من اللاجئين السوريين في الدول الأخرى".

"أما الآن فنحن أمام عدة خيارات قد نبدأ بها خلال أيام وهي تنظيم عدد من المظاهرات في العاصمة كوبنهاغن وعدد من المدن الأخرى، أو التظاهر أمام سفارات بعض الدول الأخرى كالسفارة الكندية، للفت أنظارها لما يعانيه اللاجئين السوريين في الدنمارك الذي طالما تشدق باحترام حقوق الإنسان والديموقراطية، وهو ما قد يضع الحكومة الدنماركية في موقف محرج قد يثنيها عن قراراتها أو يدفعها لتعديلها".

"كما أن هناك مقترح بالتظاهر أمام مفوضية الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن، ومطالبة الاتحاد الأوروبي بسحب بصمة الدنمارك من اتفاقية دبلن وإعادة توطين اللاجئين السوريين في دول أخرى من الاتحاد، أو ترك الخيار لنا بحرية تقديم طلبات لجوء وبدء حياة جديدة بعيداً عن الدنمارك التي بات مستقبلنا ووجودنا فيها مهدداً في أي لحظة".

ترك تعليق

التعليق