صائغ "سوري" يحجز مكاناً بين صاغة إسطنبول


اشتهر السوريون على مدى عقود طويلة باحترافهم لعدة صناعات قديمة منها حرفة الذهب، إذ لطالما عج سوق الصاغة القديمة وأسواق الذهب السورية الأخرى بتجار الخليج العربي وغيرهم من الذين يقصدونها دون غيرها، نظراً للذوق الرفيع الذي يمتلكه الصاغة السوريون.

مع بداية عام 2012 بدأ الانتشار السوري يتسع في أغلب دول العالم بما فيها الجارة تركيا، حيث يعتبر التجمع السوري الأكبر اليوم. واستطاعت مهنة "الصائغ" أن تجد لها مكاناً في السوق التركي الكبير، إذ يوجد في ولاية إسطنبول التركية اليوم عشرات محال الصاغة التي نقلت عملها من دمشق وحلب وباقي المحافظات السورية إليها.


موقع "اقتصاد" التقى بالصائغ محمود محمد، القادم من العاصمة السورية دمشق، والذي بدأ مع عائلته في مهنة الصاغة منذ عام 1991 إذ كان لديهم ورشة ونقاط بيع فيها.

يشار إلى أن صنعة الذهب في سوريا عانت الكثير خلال الـ 7 سنوات الماضية نتيجة تقلب الأسعار اليومي وارتباطها بالدولار، وندرة الكثير من المواد الأولية التي يحتاجها الحرفي مثل ماء الفضة.

وقال "محمد": "كانت البداية مع منتجات الذهب السورية أي ما يعرف بـ (الموديلات السورية)، ثم توسعنا لإنتاج نماذج خليجية ومن ثم إيطالية، ومع ازدياد الخبرة في هذه المهنة التي تعود لمئات السنين أصبحنا نقدم لزبائننا مجوهرات بالأحجار الكريمة والنفيسة كالألماس".

وأضاف: "في عام 2016 افتتحنا ورشة ونقطة بيع في إسطنبول، باسم (مجوهرات الفاتح)، واخترنا منطقة الفاتح لأنها من أكثر المناطق ازدحاماً بالسوريين والعرب، إضافة لأن سوق (مالطا) الذي نتواجد فيه هو سوق تاريخي بقرب جامع (السلطان محمد الفاتح) وفيه عشرات المحال والمطاعم السورية التي يقصدها الجميع، خصوصاً وأنك تشعر بأجواء الشام (دمشق)".

وبيّن "محمد": "الدخول إلى السوق التركي ليس سهلاً خصوصاً وأنك تؤسس عملاً استثمارياً يعتبر (شركة) وعليه ضرائبه، كما أن الترخيص متاح نعم لكنه صعب ويحتاج جهداً".


يبلغ عدد الحرفيين المسجلين رسمياً في العاصمة دمشق، نحو 3900 حرفي، بقي منهم ما يقارب 1800 في الوقت الحالي، فيما البقية توقفوا عن العمل أو غادروا البلاد.

وأكّد مالك "مجوهرات الفاتح" لـ "اقتصاد" أن "الذهب السوري يختلف عن الذهب التركي في عياراته حيث أن الذهب السوري عياراته مشهورة بين (21 و18) قيراط، فيما أن التركي يتراوح بين (14و 22) قيراط، كما أن أشكاله و(موديلاته) تختلف باختلاف ثقافة اللباس والمظاهر والأذواق بين الشعبين".

من جانب آخر قال الصائغ التركي "أيوب كارايولي" لموقع "اقتصاد" إنّ وجود الصاغة السوريين في تركيا زاد من عملنا إذ أن بعضهم يشتري من ورشاتنا، وهم جيدون جداً في التعامل، والسوق التركي يتسع للجميع.

وألمح "كارايولي": "بعض الصاغة الأتراك يجدون في أقرانهم السوريين أو العرب منافسين لهم، لأنهم يقدمون نماذج وعيارات مختلفة ولكنني أراها فرصة لكسب المزيد من الأرباح والتوسع والأصدقاء".


وفي السياق قال "محمود محمد": "بعض بضاعتنا نبتاعها من شركات تركية، وعلاقتنا معهم جيدة، كما أن التعاون يصل لطلب (موديلات) تتناسب مع أذواقنا خصوصاً وأن أغلب زبائننا من العرب والسوريين بالإضافة لبعض الأتراك".

وأشار "محمد" إلى أن "الأزمة التي مرت بالليرة التركية أثرت بشكل سلبي علينا وعلى سوق الذهب إذ ارتفعت أسعاره بشكل ملحوظ، وهو في وضع متقلب، فيما أننا نبيع بالليرة التركية، ولكن يبقى السوق التركي أفضل من غيره إن عرف التاجر أو المستثمر كيف يتعامل معه بشكل مدروس".

وهكذا هي قصص السوريين مع حرفهم في شتى المجالات عنوان مستمر لبدايات جديدة يرسمونها بإتقانهم وحبهم لعملهم.

ترك تعليق

التعليق