لكل مهنة مختص.. إلا في إدلب


عُرف في سوريا، منذ أمد، أن لكل مهنة مختص يعمل فيها مثلاً (النجار – الحداد - الكهربائي - الصحية...إلخ). وعادةً، لا يعمل النجار في مجال الحدادة، أو الكهربائي في مجال الصحية. إلا في إدلب، فالوضع مختلف، إذ يمكن للحرفي أن يعمل في أكثر من مجال.

"اقتصاد" حاول فهم هذه الظاهرة أكثر، فأجرينا جولة على بعض الحرفيين، ليطلعونا على سرّ تعدد المهن للشخص الواحد، في إدلب.

تحدثنا بدايةً مع "أبو محمود"، وهو عامل كهرباء منازل، ويعمل أيضاً في مجال التمديدات الصحية، ويتحدر من مدينة إدلب، قال لنا "أبو محمود": "نحن في مدينة إدلب ورثنا هذا الشيء عن آبائنا وأجدادنا ونعمل بأكثر من مهنة كي نكون قادرين على توفير المعيشية اليومية. ومعروف لدى الجميع أن مدينة إدلب كان يطلق عليها المدينة المنسية وضعف العمل فيها جعلنا نعدد المهن كي يتوفر العمل دائماً".

وأضاف: "أنا مثلاً أعمل بكهرباء المنازل والتمديدات الصحية ومتعارف عليها في إدلب أنها مهنة واحدة ولا نفرق بينهم، وتعلمتها من أبي وأبي تعلمها من جدي وهكذا.. وحتى بالنسبة للمحلات التي تبيع قطع الكهرباء تبيع في الوقت نفسه، التمديدات الصحية، فهي تعتبر مهنة واحدة".

 وتابع: "تفاجأ الكثير من المهجرين إلينا أننا نعمل في كلا المهنتين معاً، وأغلبهم يحب الاختصاص في مهنة واحدة، ولم يتقبل العمل في مهنتين بنفس الوقت".

وفي نفس السياق، التقينا "محمد"، عامل نجارة ويعمل أيضاً في بخ الأثاث الذي يجهزه في منشرته، وتحدث إلينا عن نفس السبب الذي يؤدي إلى خلط المهن، فقال: "مهنة النجارة والبخ تُعدان مهنة واحدة ولا نفرق بينهما، ولكن في باقي المحافظات كل منهما تعتبر اختصاصاً منفصلاً".

 وعقّب ضاحكاً: "بإدلب كل شيء مختلف".

وأكد أيضاً سبب لجوئهم لتعلم أكثر من مهنة في آن واحد، وهو الفقر الذي يخيم على مدينة إدلب منذ أيام حافظ الأسد الذي جعل إدلب مدينة منسية وتعتمد على الزيتون فقط.

"أبو شام"، وهو مُهجّر من حمص ويعمل في التمديدات الصحية، أوضح لـ "اقتصاد" رأيه في ظاهرة الخلط بين المهن في مدينة إدلب، فقال: "أنا منذ دخولي لمهنة التمديدات الصحية أعرف أن لكل مهنة مختص وليس لكل مختص مهن متعددة".

"تفاجأت كثيراً بتعدد المهن في إدلب. لكل شخص عدة مهن وحتى أيضاً المبلط نفسه يزرق البيت يعني (مهنة التلييس) وهو نفسه نجار الباطون وهو نفسه معماري".

وتابع قائلاً: "عرض علي بعض أصحاب المهن في إدلب أن أكون معهم في عدة ورشات ومهن مختلفة ولكني رفضت وبقيت على ما تعلمت عليها في مهنة التمديدات الصحية ولا أريد خلطها بمهنة أخرى".

وعلل السبب قائلاً: "على صعيد شخصي، الاختصاص شيء جميل، فعندما تختص في شيء تبدع فيه وتنجح".

ترك تعليق

التعليق