تحرير الدولار الجمركي بمصر يضع الأسعار على حافة الارتفاع


قررت مصر مؤخرا، ربط سعر الدولار الجمركي للسلع غير الضرورية والترفيهية، وفقا لسعر الصرف المعلن للدولار لدى البنك المركزي (أسعار السوق)، ما أثار مخاوف من موجة غلاء جديدة.

والدولار الجمركي، هو ما يدفعه المستورد من رسوم بالعملة المحلية بما يوازي الرسوم الدولارية المفروضة عليه، نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحتجزة في الجمارك.

وقالت وزارة المالية المصرية في بيان خلال وقت سابق الشهر الجاري، إنه سيجري العمل بالقرار لمدة شهر، وستكون آلية احتساب قيمة الدولار الجمركي في السلع الكمالية والترفيهية، عبر تحديد متوسط سعر صرف السوق في الشهر السابق.

بينما يبلغ سعر الدولار الجمركي للسلع الاستراتيجية والمواد الخام اللازمة للإنتاج 16 جنيها، منخفضا ما يقرب من جنيهين عن السعر المعلن من البنك المركزي المصري.

كانت السلع الكمالية والترفيهية، قبل إصدار القرار، يتم معاملتها كالسلع الاستراتيجية والمواد الخام بنفس قيمة الدولار الجمركي.

** قفزة أسعار

المحلل الاقتصادي أشرف إبراهيم (مصري)، قال للأناضول، إن إقدام الحكومة المصرية على تحرير سعر صرف الدولار الجمركي، "سيؤدي إلى قفزة كبيرة في أسعار عديد السلع".

وحسب رصد الأناضول، استنادا على بيانات "الإحصاء"، فإن يونيو/ حزيران 2018، شهد عودة معدل التضخم السنوي للصعود مجددا، للمرة الأولى بعد 10 أشهر من الهبوط المتواصل، بعدما بلغ الذروة بـ34.2 بالمائة في يوليو/ تموز 2017.

وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر، إلى 15.6 بالمائة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مقابل 17.5 بالمائة في الشهر السابق له.

وأرجع وزير المالية المصري، محمد معيط قرار تحرير الدولار الجمركي، لدفع التصنيع في البلاد وزيادة الصادرات وخلق فرص العمل، وذلك عبر حماية الصناعة المحلية.

ويؤكد المحلل الاقتصادي أن الحكومة هي "المستفيد الأكبر من هذا الإجراء لأنه سيزيد الحصيلة الجمركية، فضلا عن التحسن النسبي في الميزان التجاري لأنه سيساهم في خفض الواردات".

** مخاوف الاستغلال

رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة سابقا (مستقلة)، أحمد شيحة، وصف القرار بأنه "جيد للغاية وتأخر كثيرا".

ورغم تأييده للقرار، أكد شيحة في حديثة للأناضول على ضرورة توحيد سعر الدولار الجمركي على جميع السلع المستوردة بدون تفرقة، بين أساسية وكمالية.

وأبدى تخوفه في الوقت نفسه من استغلال التجار لقرار تحرير الدولار الجمركي، لزيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه، في ظل حالة التضخم التي يعاني منها الجميع.

** إيجابي

محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات (مستقلة)، قال إن قرار تحرير سعر الدولار الجمركي "إيجابي" للصناعة المصرية.

وأضاف البهي، في تصريحات صحفية، أن "نجاح الدول يُقاس بتقدمها الصناعي، ولا بد من الحد من الاستيراد العشوائي، .. القرار يهدف إلى دعم الصناعة والعامل المصري".

وتعتمد مصر بشكل أساسي على السلع المستوردة من الخارج، لتلبية احتياجات السكان البالغ عددها نحو 100 مليون نسمة.

وأشار رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، إلى أن الصناعة الوطنية توفر 9 ملايين فرصة عمل للشباب، لكن يجب على الدولة دعم الصناعة بشكل أكبر.

واستبعد البهي وجود آثار تضخمية جراء القرار، لافتا إلى أن أثره لا يتجاوز زيادة بين 1 - 1.5 بالمئة من قيمة السلعة على حد قوله.

لكن الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب (مصري)، اعتبر أن هذا الإجراء سيصاحبه "ضغوط على الاستثمارات الأجنبية المباشرة".

وأضاف في حديثة للأناضول: "مع عودة الآمال لانخفاض التضخم، وبالتالي خفض سعر الفائدة بما يساهم بتوفير التمويل للاستثمار بأسعار مناسبة، جاء قرار وزير المالية بتعديل الدولار الجمركي".

وأوضح أن القرار سيرفع أسعار العديد من السلع، ليبدد الآمال في انخفاض التضخم، وبالتالي تلاشي الأمل في تشجيع الاستثمار المحلي على زيادة استثماراته، أو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر".

وكان "المركزي المصري"، قد رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 7 بالمئة على ثلاث مرات منذ تعويم الجنيه إلى 18.75 بالمئة للإيداع و19.75 بالمئة للإقراض؛ لكبح التضخم ودعم القدرة الشرائية للجنيه، قبل أن يخفضها بعد ذلك بنحو 2 بالمئة على مرتين.

** زيادة الإيرادات

واعتبر بنك استثمار "بلتون" في مصر (خاص) أن القرار يساهم في زيادة الإيرادات الضريبية، فى ظل عدم وجود أية إجراءات ضريبية جديدة.

وتوقع بلتون في مذكرة بحثية حصلت عليها الأناضول، "ألا تكون الزيادة الناجمة عن هذا القرار كبيرة حيث تمثل الرسوم الجمركية 6 بالمئة فقط من الإيرادات الضريبية والمستهدفة 770 عند مليار جنيه في العام المالي 2018/ 2019.

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.

وقال بلتون :" نتوقع تأثيرا محدودا من رفع سعر الدولار الجمركي على التضخم العام، والذي سيكون ناتجا في الأساس من قطاع السجائر والكحول، ويمثل 2.2 بالمئة من مؤشر السلع الاستهلاكي".

وأضاف بنك الاستثمار أن متوسط التضخم سيكون عند 18 بالمئة في الربع الرابع لعام 2018، مما يرتفع عن مستهدف المركزي عند 16بالمئة.

ترك تعليق

التعليق