السيسي يدعو المصريين لأن يكونوا رشيقين، ويثير زوبعة من الانتقادات


في تصريحات متلفزة في وقت سابق من الشهر الجاري، ندد الرئيس بما قال انه عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة في البلاد، وقال للمصريين بأن عليهم الاعتناء بشكلهم على نحو أفضل. واضاف ان التربية البدنية يجب أن تصبح منهاجا أساسيا في المدارس والجامعات وان البرامج التلفزيونية لا ينبغي ان تسمح للمقدم أو الضيف بالظهور إن كان يعاني من فرط الوزن.

في صباح اليوم التالي، طبق هذا الأمر على نفسه بأن قاد دراجة هوائية الى الأكاديمية العسكرية الواقعة في احدى ضواحي القاهرة. ومرتديا سروالا أسود وقبعة بيسبول داكنة أخبر الطلبة بأنهم لن ينهوا تدريبهم العسكري الأساسي قبل الوفاء بمتطلبات اللياقة البدنية.

كانت هذه البادرة من النمط المعهود للسيسي الذي يرى حتى أصغر التفاصيل في كل شيء بدءا من شق الطرق حتى صناعة الأفلام السينمائية، وغالبا ما يوبخ المصريين ويوجههم لتصحيح سلوكهم.

إلا ان منتقدي السيسي قالوا انه يسيء لسمعة البدينين ويتخذ نهجا نخبويا لمشكلة تمكن جذورها الى حد كبير في الفقر. كما انتقدوه لعدم تقديمه خطط ملموسة لمكافحة السمنة ونشر مبدأ اللياقة البدنية. ارتفاع أسعار المواد الغذائية - لا سيما الفواكه والخضروات - بسبب الاصلاحات الاقتصادية التي ادخلها السيسي، جعل الأطعمة السريعة الرخيصة أكثر جاذبية.

لا أحد يجادل بأن لدى مصر مشكلة في البدانة. ويعاني واحد من كل ثلاثة مصريين من السمنة وهو أعلى معدل للسمنة في العالم، وفقا لدراسة عالمية أجراها معهد مقاييس الصحة والتقييم في جامعة واشنطن. ووجد الباحثون ان 35% من البالغين - حوالي 19 مليون نسمة في البلد البالغ تعداده مائة مليون- يعانون من البدانة، ومرة أخرى أعلى معدل في العالم بالإضافة الى 10.2% من الأطفال المصريين أو حوالي 3.6 مليون طفل.

السيسي، الذي غالبا ما يطالب المصريين بالتشبث بالمستقبل وتقبل الصعوبات التي يواجهونها في الأوقات العصيبة، قال بأن عليهم تغيير عاداتهم للتخلص من السمنة.

قال السيسي في تعليقات له في 15 ديسمبر كانون أول "أنا أول ما أخش مكان اقعد أبص في حاجات لا تخطر لكم على بال، أقول إيه ده؟ أيه الناس دي؟ ليه ما بيبصوش على نفسهم؟"

وتهكم من المصريين لعدم اتباعهم ثقافة المشي، ومن ثم استدار نحو رئيس الوزراء الذي كان جالسا الى جانبه وقال له بأن لا يزيد وزنه.

هللت وسائل الإعلام المصرية الموالية للحكومة لتصريحاته بشكل بارز. وقال البرلمان المكتظ بمؤيديه إنه يعتزم تقديم تشريع يجعل التربية البدنية جزءا من المناهج الدراسية الأساسية في المدارس. وبالمثل قال وزير التعليم إن الطلاب الذين يستقلون 10 محطات في مترو القاهرة ينبغي أن ينزلوا قبل وجهتهم بمحطتين ويمشوا كنوع من ممارسة الرياضة.

في وسائل التواصل الاجتماعي، ربما المنبر الوحيد لحرية التعبير نسبيا في مصر، كان الرد أكثر نقدا. قال البعض إن السيسي يعيش خارج الواقع أو يتحدث عن رأيه دون أن دراسة كلماته أولا.

تسرب سيل من النكات على موقعي تويتر وفيسبوك حيث لعبت على مخاطر كون المرء سمينا بشكل زائد في ظل رئيس اعتقلت قواته الأمنية الآلاف في حملة تعقب واسعة النطاق ضد المعارضة.

وذكرت نكتة تم تداولها بشكل كبير أن أشخاصا في سيارة يشفطون بطونهم وهم يقتربون من نقطة تفتيش شرطية. نكتة أخرى عن رجل يسعى للاختباء في منزل أحد الأصدقاء من الشرطة لحين يفقد وزنه. وفي نكتة أخرى يبلغ رجل السلطات عن زوجته ذات الوزن الزائد عبر الهاتف.

وقال الروائي والمحلل الاجتماعي-السياسي عمار علي حسن إن تعليقات السيسي كشفت عن قدر كبير من النخبوية. وإنها أعراض لحاكم سلطوي مقتنع بأنه في مهمة، وأنه وحده يعرف ما هو في المصلحة العامة بينما الجميع يجهل الأهداف السامية التي في رأسه.

منذ توليه منصبه سنة 2014 وصف السيسي نفسه بأنه يحاول إعادة تشكيل مصر لتكون دولة مزدهرة ومستقرة وحديثة. لكنه تأكد من أنه لا يوجد شخص مؤثر أو شجاع بما يكفي للتشكيك في أي من سياساته أو تقديم بدائل. أبلغ ذات مرة بغضب المصريين أن ينصتوا له وحده، وصاح زاجرا مشرعا اقترح تأخير رفع الدعم. وأعلن هذا الشهر أنه لم يسمح لدراسات الجدوى أن تكون العامل الحاسم في المشاريع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات التي بدأها.

بعض سياساته شهدت نجاحات. يتعافى البلد ببطء من الركود الاقتصادي الذي عانت منه في السنوات التي أعقبت ثورة عام 2011 التي أطاحت بالمستبد حسني مبارك. وتحسن الأمن.

غير أن السيسي سعى أيضا لإخماد أي معارضة، حيث سجن الآلاف من الإسلاميين إلى جانب الناشطين العلمانيين المؤيدين للديمقراطية، وأسكت المنتقدين في وسائل الإعلام، وألغى الحريات التي تم الفوز بها في ثورة 2011، وفاز بفترة ولاية ثانية في السلطة هذه السنة بعد أن سجنت السلطات منافسيه المحتملين الجادين أو خوفتهم كي يخرجوا من السباق.

أشاد بعض منتقدي السيسي منذ فترة طويلة بتوجيه الانتباه إلى الحاجة إلى مكافحة السمنة. لكنهم أشاروا إلى أن الأغلبية الفقيرة في مصر لا تستطيع أن تأكل أكلا صحيا عندما يكون النظام الغذائي للسكر والكربوهيدرات أرخص.

نجاد البرعي المحامي الحقوقي الذي حظرته السلطات من السفر كتب على فيسبوك: "انا شايف (أرى) ان كلام الرئيس السيسي عن الرياضة والاهتمام بيها ايجابي ومهم. عمر الفقر ما كان مانع الناس من انها تلعب رياضه (لم يمنع الفقر أبدا الناس من ممارسة الرياضة".

محمد زارع، وهو محام حقوقي آخر، قال إن السيسي بحاجة إلى تمكين المصريين من إنقاص وزنهم بدلا من أن يأمرهم بممارسة الرياضة. وأضاف أن السيسي بحاجة لتوفير طعام صحي بأسعار منخفضة، وإقامة أماكن يمكن أن يمارس فيها الناس الرياضة، والسماح بإجراء عمليات السمنة الطارئة تحت غطاء نظام الرعاية الطبية في الدولة.

ترك تعليق

التعليق