لماذا تراجعت الليرة السورية في خريف العام 2018؟


يُلقي الكثير من المراقبين باللائمة على حكومة النظام، حيال تراجع سعر صرف الليرة السورية، بصورة نوعية، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من العام 2018.

ففي الوقت الذي تحسنت فيه الظروف الميدانية والسياسية لصالح النظام، بصورة قطعية، كانت الليرة تتراجع، دون مبررات مفهومة.

واعتباراً من مطلع شهر أيلول/سبتمبر، 2018، اتخذ صرف الليرة، مساراً تنازلياً، تذبذب قليلاً، لكنه تابع الهبوط بسعر الصرف، وصولاً إلى أدنى سعر له مقابل الدولار، منذ أكثر من 14 شهراً، وذلك يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر، عند 506 ليرة.

وبمقارنة آخر سعر لليرة مقابل الدولار، في 2018، عند 500 ليرة تقريباً، مع آخر سعر في 2017، عند 463 ليرة، تكون الليرة قد خسرت 7% من قيمتها، خلال 2018.

ورغم أن هذا التراجع لا يعتبر نوعياً، مقارنة بخضات سابقة تعرضت لها الليرة خلال السنوات الثمانية الفائتة، لكن يبقى تراجعاً غير مفهوم. إذ أن تراجع الليرة في سنوات سابقة، كان يحصل لأسباب موضوعية، تتعلق بتراجع النظام ميدانياً. أما في خريف العام 2018، كان النظام قد سيطر على معظم التراب السوري، واستعاد بسهولة صادمة، مناطق كان يُعتقد أنها ستكون متعبة للغاية، له، في الغوطة الشرقية ودرعا.

وحتى مع بوادر الانفتاح الاقتصادي لدول الجوار العربي، على نظام الأسد، مع فتح معبر نصيب، في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، كان تحسن الليرة طفيفاً، وسرعان ما عادوت الهبوط.

وفيما يرجع إعلاميون موالون ذلك التراجع الغريب في سعر صرف الليرة، إلى حركة إعمار، ولدت طلباً على الدولار، انعكس سلباً على قيمة الليرة، يرى مراقبون من خارج دائرة النظام، أن النظام هو من دفع بالليرة إلى الهبوط، إما عمداً، أو دون قصد مباشر.

وتقول النظرية الأولى، إن النظام حريص على إبقاء سعر الليرة متدنٍ، كي يتمكن من تمويل الرواتب والتكاليف التشغيلية للعاملين في القطاع العام، باستخدام دولار مرتفع يُتاح له، عبر الحوالات الواردة من الخارج.

فيما تقول النظرية الثانية، إن النظام تسبب في تراجع الليرة حينما أصدر حاكم المصرف المركزي السابق، دريد درغام، في 20 أيلول/سبتمبر الفائت، بلاغاً يطالب فيه مشتري القطع الأجنبي، في الفترة ما بين 13/3/2012 ولغاية 15/10/2012، بضرورة تقديم وثائق تثبت كيفية استخدامهم للقطع الأجنبي المُشترى. وإلا، فإن عليهم دفع الفرق بالليرة السورية، بين سعر الدولار اليوم، وبين سعره في الفترة المحددة من العام 2012.

ومنذ صدور هذا البلاغ، بدأ المسار التنازلي لسعر صرف الليرة بالتحرك بصورة متسارعة.

واعتقد البعض أن إطاحة رأس النظام، بشار الأسد، بحاكم المركزي، دريد درغام، وتعيين حازم قرفول، مكانه، كانت نتيجة للبلبلة التي تسبب بها البلاغ المشار إليه. لكن المركزي لم يتراجع عن البلاغ، مع الإدارة الجديدة للمركزي، الأمر الذي عزز المسار التنازلي لليرة.

وسواء قصد النظام الدفع بالليرة إلى التراجع، أم لا، فهو يتحمل بصورة رئيسية مسؤولية هذا التراجع، الذي يصعب تحميله لحركة إعمار، لا تبدو واضحة للعيان، في سوريا، حتى الآن.

ترك تعليق

التعليق