أكلة المحاشي تصبح خارج حسابات بعض سكان إدلب


تشهد مدينة إدلب ارتفاعاً حاداً وأسعاراً فلكية، لأغلب أنواع الخضروات والتي تعد من أساسيات المائدة في كل بيت، ومن أهم الأصناف (البندورة، الخيار، الكوسا، الباذنجان..)، وغيرها الكثير.

قام "اقتصاد" بجولة في أسواق مدينة إدلب الرئيسية، في وسط المدينة، للتعرف على أسباب هذا الارتفاع الحاد في الأسعار، وكانت بداية جولتنا مع أحد الباعة وسط المدينة ويُدعى "أبو ثائر" والذي قال لنا إن هذه الخضروات تأتي من مناطق الساحل أي مناطق سيطرة النظام، حيث تُزرع في بيوت بلاستيكية لتأمين جو مناسب لها لتنمو، وهذا الأمر غير موجود في المناطق المحررة.

 وأضاف أن ارتفاع الأسعار تأتي بسبب تكلفة زراعة الخضروات في هذه الأيام الصعبة وفي جود بارد جداً. وعقّب: "عدا عن ذلك فالكل يعلم أن الخضروات تأتي عن طريق حواجز النظام، ومعروف لدى الجميع عليك الدفع أي (دفع الرشوة) لكل حاجز قبل أن تمر".

وأكد "أبو ثائر" أن كل كيلو من الخضروات يزيد سعره تقريباً 100 ليرة سورية للكيلو، بعد تقسيم المبلغ المدفوع لحواجز النظام.

وفي نفس السياق التقينا بائع خضروات وفواكه في سوق الهال بريف إدلب، ويُدعى "أبو عثمان"، والذي اعتبر الخضروات من أساسيات الحياة، "ولا يجب رفع سعرها إلى هذا الحد". وعقّب: "لكن الرشاوي والسرقة من السيارات عن طريق الحواجز جعل الأسعار تزداد كثيراً".

واستطرد: "عندما نأتي بحمل مادة الكوسا أي سيارة كوسا تزن 3 أطنان وتمر عبر الحواجز فلكل حاجز حصة من مادة الكوسا ومبلغ لكي لا يفتش السيارة ويقوم برشق الصناديق من السيارة إلى الأرض وهذا يؤدي إلى تلف كبير بالمادة وبهذه الحالة نتكبد خسارة كبيرة جداً".

وذكر أيضاً أن ارتفاع الأسعار الحاصل منذ شهر تقريباً ناتج عن اشتداد البرد. وقارن لنا بعض الأسعار بين الشهر الماضي والشهر الحالي. فكانت مادة الكوسا بـ 400 ليرة سورية للكيلو، واليوم بـ 750 ليرة سورية. والباذنجان كان بـ 300 ليرة سورية، واليوم بـ 500 ليرة سورية. وكيلو البندورة كان بـ 250 ليرة، واليوم بـ 400 ليرة. أما كيلو الخيار فكان بـ 250 ليرة، واليوم بـ 400 ليرة.. وتطول القائمة في كل المواد.

وكان لنا أيضاً جولة ولقاءات مع متسوقين في السوق، حيث تم سؤالهم عن مدى قدرتهم على الشراء بهكذا أسعار. ومما أثار انتباهنا شخص يسأل عن أسعار الكوسا والباذنجان والبندورة وهو مصدوم بالأسعار، وترك كل شيء ولم يشتري، تحدثنا إليه، ويدعى "أبو أدهم"، وعندما سألناه عن السبب، قال "أريد أن أشتري خضروات لطبخة المحاشي وأنا لدي 5 أولاد وأنا وأمهم 7 أشخاص وهذه الطبخة لا تتناسب مع مدخولي لأن أسعارها غالية جداً"، وعلل السبب قائلاً: "أحتاج لـ 4 كغ من الكوسا و4 كغ من الباذنجان و2 كيلو من البندورة ونصف كيلو لحمة وعدا عن ذلك الرز وغيره.. أي أن غداء ليوم واحد فقط يكلفني ما يقارب 8 آلاف ليرة سورية، وهذا الشيء لا أقدر عليه". وقال أيضاً: "سأبدل المحشي بالسبانخ والرز لأنها أوفر بكثير".

وحدثنا رجل كبير بالعمر جالس عند أحد أصدقائه في محل لبيع الخضروات ويدعى "أبو خالد" وقال: "رحم الله أيام زمان عندما كنا نشتري الخضروات بالسحارة ولا ندفع سوى ليرة سورية أو ليرة ونصف ونطبخ المحاشي بقدر كبير يسع ما يقارب 20 كيلو من الباذنحان والكوسا والقرع وغيره". وقال ضاحكاً: "كان الأكل أيام زمان غير شكل، وبلدي. أما اليوم، غلاء وطعم مختلف. وإذا أكلنا لا نشبع مثل أيام زمان".

وتُشتهر مدينة إدلب بزراعة الزيتون وقلة زراعة الخضروات والفواكه مما يضطر سكانها لأن يستوردوا موادهم من تركيا ومناطق النظام مما يزيد من تكلفة المواد إلى الضعف، ويثقل كاهل سكان المنطقة، خاصة من المُهجّرين.

ترك تعليق

التعليق