قصة شاب سوري تحوّل إلى أكبر موزع للأجبان السورية في ألمانيا


خلال فترة لم تتجاوز الأربع سنوات من إقامته في ألمانيا تمكن اللاجئ السوري الشاب "عبد الجليل صيموع" من تأسيس أول مصنع لإنتاج الجينة السورية بمختلف أنواعها جنوب غرب البلاد بالتعاون مع عائلة ألمانية، وحقق المصنع في وقت وجيز، مبيعات وأرباحاً عالية ليصبح واحداً من أكبر موزعي الجبنة السورية والعربية في ألمانيا وعدة بلدان أوروبية أخرى.


وأطلق "عبد الجليل صيموع" على مصنعه اسم "شام سار" نسبة لموطنه الأصلي ومقاطعة "سارلاند" التي يعيش فيها.


خرج "عبد الجليل"، 26 عاماً، من مدينة إدلب نهاية العام 2011، قبل أن يتم سحبه إلى الخدمة الإلزامية، متجهاً بداية إلى مصر ليعمل في عدد من محال بيع وتصنيع الأجبان، ولكن مردود عمله لم يكن مجزياً فانتقل ليعمل في مجالات مهنية أخرى ومع نهاية العام 2014 بعد أن ساءت الأوضاع بالنسبة للسوريين في مصر قرر أن يذهب إلى إيطاليا عبر البحر وخرج مع زوجته وطفلين لشقيقة زوجته في مركب صيد كان يحمل 450 شخصاً، وأمضى 14 يوماً حتى وصل إلى شواطىء إيطاليا ومنها انتقل بالقطار إلى ألمانيا ليعيش فترة في مركز استقبال اللاجئين في "ليباخ".


وروى "صيموع" لـ "اقتصاد" أن السنة الأولى من وجوده في ألمانيا كانت صعبة، إذ لم يكن يتقن اللغة بعد ووجد نفسه وسط مجتمع وثقافة جديدين لم يعتدهما، ولكنه آثر تحدي الظروف ودخول سوق العمل، مشيراً إلى أنه اختار ألمانيا لأنها بلد صناعي وفيها تعداد سكاني كبير وحركة وعمل أفضل من باقي دول الإتحاد الأوروبي الأخرى.
 

مع بداية وصوله إلى ألمانيا لمس "صيموع" ندرة وجود الأجبان السورية وغلاء أسعارها بالنسبة لبقية الأنواع، ونظراً لإلمامه بصناعة هذا المنتج الغذائي قرر أن يعمل في هذا المجال من خلال ورشة صغيرة داخل منزله في ولاية "سارلاند"، مضيفاً أنه كان يجلب الحليب من عائلة "ريم فون جورج هوف" التي تسكن قرية "Uchtelfangen" القريبة منه، حيث كان يأتي إلى المزرعة ويحصل على 30 إلى 40 لتراً من الحليب، ما دفع الأسرة إلى التساؤل عما يفعله بكل هذا الحليب، وعندما علموا بأنه يصنع جبنة بشكل ذاتي وبجودة عالية قرروا مساعدته في تطوير مشروعه.


وكشف الشاب القادم من شمال سوريا أنه عانى كثيراً وعلى مدى حوالي السنتين حتى تمكن من تجهيز المعمل نظراً للتدقيق على كل جزئية، وتم إلزامه من وزارة الصحة-كما يقول- بتغيير كل شيء في المعمل بدءاً من الحيطان والسقف وأماكن الإنتاج، وانتهاءاً بلباس الموظفين لتكون مطابقة للمواصفات الصحية، وتم تأسيس معمل "شام سار" على مساحة لا تتجاوز الـ ٣٠٠ متر بمقاطعة سارلاند جنوب غرب ألمانيا، وتم تجهيزه بأحدث المكنات المتطورة المصنوعة في ألمانيا، عدا ماكينة إيطالية واحدة.


 وبيّن محدثنا أن مكنات مصنعه من مادة الستانستيل وتعمل وفق نظام حديث، حيث هناك اهتمام بمكنات الانتاج ومواصفاتها ولا يُسمح لأي ماكينة بالعمل إذا لم تكن مطابقة للمواصفات الألمانية.
 

وأكد الصناعي الشاب أن مصنعه الذي بلغت تكلفته المادية أكثر من 450 ألف يورو لا زال في مراحله البدائية ولم يشغل الطاقة الإنتاجية القصوى، مشيراً إلى أنه بدأ بـ 300 لتر حليب تم رفعها إلى 500 ومن ثم إلى 1000 في اليوم، ومن المتوقع أن ترتفع الكمية إلى 4000 بعد ثلاثة أشهر. ولفت إلى أن كمية 1000 لتر من الحليب تنتج حوالي 180-200 كغ جبنة وتتنوع الجبنة التي يتم انتاجها فمنها الجبنة البيضاء العربية والعكاوية والمشللة والخيوط والحلوم والقشقوان بالإضافة للسمن العربي.


 ولفت "صيموع" إلى أن المحلات العربية والتركية في عموم ألمانيا فضلاً عن تجار الجملة في ألمانيا وهولندا والسويد والنمسا وفرنسا هم من أكبر زبائن مصنعه معرباً عن طموحه بتوزيع منتجاته في دول أخرى من العالم.
 

وأشار إلى أن شركائه الألمان هم أصحاب المزرعة التي يتم توريد الحليب منها منوّهاً إلى أن "أكبر مشكلة تواجه الصناعيين في إنتاج الجبن العربي في ألمانيا هي توافر الحليب، لأن أغلب المزارع التي تنتج الحليب فيها ملتزمة بعقود مع شركات كبرى ولا تستطيع بيعه إلا لهذه الشركات، ولجأت المزرعة التي تورد الحليب للمصنع لإلغاء عقد مع شركة ألمانية لتزويد المصنع بإنتاجها".


ولدى سؤاله عن الصعوبات والعراقيل التي تعترض مشروعه ابتسم محدثنا وأشار إلى أن مراحل مشروعه كلها صعوبات بدءاً من تجهيز المصنع الذي امتد التحضير له لسنتين، والتكلفة العالية وغير المتوقعة للمشروع، علاوة على تجهيز المكنات وصيانتها، وقبل ذلك –كما يقول- صعوبة الحصول على شهادة فتأسيس وإدارة مثل هذا المشروع يشترط الحصول على شهادة ودراسة جامعية لأربع سنوات، ولكنه تمكن –حسب قوله- من تقديم فحص بخبرته بعد دراسة وتحضير مكثفين.


ترك تعليق

التعليق