شكّ الخرز يؤمن خبز المنزل


تعمل عائلات سورية في تركيا بأعمال مضنية وبأجور زهيدة، دفعتها إليها الحاجة وعدم توفر فرص العمل، ويتعرضون للاستغلال الماديّ مع عدم توفر البديل الذي يمكنهم من العيش الكريم.


الحاجة تدفع للعمل الشاق

تجلس "أم محمد" مع بناتها الثلاثة بعد عودتهم من المدرسة، تحمل كل واحدة منهن إبرة طويلة رفيعة موصولة بخيط متين، ويضعون أمامهن آنية تضم أنواعاً متعددة من الخرز، وعليهن أن يدخلوا الخيط في الخرز ليصنعوا منه حبالاً رفيعة، يتم استخدامها من قبل المشاغل في تطريز الثياب الأنثوية الأنيقة، ليرتديها الأغنياء في مناسباتهم.

تقول "أم محمد": "تقطعت بنا السبل، وليس لنا أي دخل سوى ما يقدمه لنا الهلال الأحمر التركي من خلال البطاقات التي سلمونا إياها، والتي تمنحنا مبلغاً مالياً كل شهر، يكفينا لسداد إيجار المنزل، وفواتير الماء والكهرباء".

وتضيف: "ليس لنا معيل، فزوجي مصاب بإعاقة دائمة نتيجة القصف الذي تعرضنا له في ريف إدلب، ولا توجد جهة خيريّة تقدّم لنا ما نحتاجه، ولدي ثلاث فتيات في الصفوف الابتدائية".

"أسكن معهن في منزل مكون من غرفتين مع زوجي، وأنا مضطّرة للعمل، وتقدمت إلى الكثير من المنظمات ولكن كان الرفض حليفي دائماً، ولا أستطيع أن أقوم بأعمال مجهدة".


أجور زهيدة واستغلال

تعرفت "أم محمد" على سيدة تركية تملك مشغلاً لصناعة الألبسة للسيدات، وخاصة بدلات العرائس، واتفقت معها على أن تقوم بشك الخرز لمشغلها، وقبلت بالعمل رغم الأجر الزهيد.

قالت لموقع "اقتصاد": "أنا أتقاضى مبلغ 8 ليرات تركية عن كل 1 كغ من الخرز حين أسلمه لها جاهزاً، ولا أتمكن يومياً من شك أكثر من 1 كغ أؤمّن به ثمن ما تحتاجه العائلة من الخبز يومياً".

وتابعت: "إنه عمل مضنِ وشاق يستهلك كل وقتي، ويؤثر أحياناً على دراسة أطفالي، ولكنني مضطّرة لذلك، حتى أجد البديل الأفضل الذي يحفظ لي كرامة عائلتي".

هذا وتعمل عائلات سورية كثيرة من أجل تأمين نفقاتها بأشغال يدوية صغيرة داخل منازلها، مثل "شك الخرز وتطريز الثياب وصناعة الألبسة الصوفية بواسطة السنانير"، وتتقاضى أجوراً زهيدة لا تتناسب مع الوقت الضائع والجهد.

وتتعرض الأسر التي تعمل ضمن منازلها للاستغلال من قبل التجار وأصحاب المحلات الذين يحضرون لهم المواد الأولية.

ومعظم هذه العائلات هم من السوريين الذين يفتقدون إلى وجود المعيل القادر على العمل، ومن أسر كريمة لا تستطيع العمل بما يخالف العادات والتقاليد والأخلاق، ويرضون بالقليل من أجل الحفاظ على ماء وجوههم.


احتكار الوظائف

"فاطمة" شابة سوية في العقد الثالث من العمر، تحمل شهادة الحقوق، تعمل مع أسرتها في شك الخرز.

اشتكت فاطمة من سوء تعامل المنظمات وتعاملها بالمحسوبية، وخضوعها لأجندات سياسية وحزبية مقيتة.

قالت لموقع "اقتصاد": "أنا أجيد العمل في كثير من المجالات الإنسانية، وتقدمت لأكثر من وظيفة في مؤسسات تدّعي أنها ثورية، وتم رفضي عدة مرات لأسباب مختلفة، عرفت بعضها ولكني لم أتمكن من معرفة أسباب الرفض في عدة أحيان".

"وأغلب الأسباب كانت تعود لتحكم أشخاص معينين ينتمون إلى جهات سياسية أو دينية في هذه المنظمات، أو لاعتبار بعض المدراء أن منظماتهم مملوكة لهم والتوظيف محصور بأقربائهم وأصدقائهم".


ترك تعليق

التعليق